.................................................................................................
______________________________________________________
وفي صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : «إيّاك وخصلتين ففيهما هلك من هلك ، إيّاك أن تفتي الناس برأيك أو تدين بما لا تعلم» (١) وفي معتبرة السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «يعذّب الله اللسان بعذاب لا يعذّب به شيئا من الجوارح ، فيقول : ربّ عذّبتني بعذاب لم تعذّب به شيئا ، فيقال له : خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض ومغاربها ، فسفك بها الدم الحرام وانتهب بها المال الحرام وانتهك بها الفرج الحرام ، وعزّتي لا عذّبك بعذاب لا أعذّب به شيئا من جوارحك» (٢) إلى غير ذلك.
وأمّا إذا كان عدم أهليّته للفتوى من سائر الجهات مع علمه بالحكم الشرعيّ الكليّ من مدارك الأحكام على ما هو طريق الاستنباط منها ، ففي مثل ذلك مما يكون نظره وفتواه حجّة في حقّ نفسه فلا بأس بإظهار نظره وفتواه في نفسه ، فإنّه من الفتوى بعلم وليس من الإفتاء بالرأي والتأويل والاستحسان إلّا أنّه قد يلتزم بحرمته ؛ لكون إفتائه إغراء للجاهل وإضلالا له لعدم اعتبار فتواه بالإضافة إلى غير نفسه ، وهذا فيما كان السائل أو السامع عنه جاهلا بسائر شرائط العمل بالفتوى ، وكانت الفتوى بحيث تتضمّن دعوة السائل والجاهل إلى العمل بفتواه ، وأمّا إذا أظهر للجاهل شرائط العمل بفتوى المفتي ولم يتضمّن افتاؤه العمل به ، كما إذا قال الحكم الشرعيّ في الواقعة بنظري هذا ، فمجرّد ذلك لا حرمة فيه ؛ لأنّه صدق وفتوى بعلم وليس فيه دعوة إلى العمل به إذا كان المخاطب عالما بشرائط اعتبار الفتوى.
وأمّا إذا لم يكن عالما بها فعليه أن يعلمه شرائط العمل به من غير أن يظهر بأنّه
__________________
(١) المصدر السابق : ٢١ ، الحديث ٣.
(٢) المصدر السابق : الحديث ٤.