.................................................................................................
______________________________________________________
من الأحكام الفرعيّة العمليّة أو ملحقا بها ممّا يأتي بيانها ، وأمّا ما يكون من اصول الدين والمذهب مما يكون المطلوب فيها تحصيل العلم والمعرفة والاعتقاد والإيمان بها فلا يكون التقليد فيها مشروعا ، بمعنى أن قول الغير فيها لا يحسب علما وعرفا واعتقادا وإيمانا.
نعم إذا كانت أقوال الصالحين من العلماء العاملين المتّقين في طول الأعصار وكذا الشهداء والزهاد موجبا للإنسان اليقين والاعتقاد باصول الدين والمذهب بحيث صار الإنسان على معرفة ويقين واعتقاد بأنّه لو لم يكن ما ذكروه في اصول الدين والمذهب حقّا لما كان هؤلاء في دار الدنيا متعبين في طريق الدين والمذهب فأيقن أو اعتقد بها ، كفى ذلك ممّا يجب على المكلّف بالإضافة إلى اصول دينه ومذهبه ، وليس هذا من التقليد فيهما ، فإنّ التقليد كما تقدّم الأخذ بقول الغير تعبّدا أي من غير يقين ودليل عنده على صحّة ذلك القول وكونه حقّا مطابقا للواقع ، وإنّما يكون الأخذ بقوله للدليل عنده على اعتباره في حقّه وإن لم يكن حقّا واقعا.
وبتعبير آخر الدليل عند العاميّ إنّما على الأخذ بقوله لا على نفس قول الغير في مورد مشروعيّة التقليد ، ودعوى أنّه لا يكفي اليقين والاعتقاد الناشئ من قول الغير في الاعتقاديّات من اصول الدين والمذهب استظهارا من الكتاب المجيد : (قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ)(١)(بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ)(٢) ، لا يمكن المساعدة عليها ، فإنّه قد تقدّم أنّه لا يستفاد منهما عدم اعتبار العلم واليقين والاعتقاد الحاصل مما ذكرنا ،
__________________
(١) سورة الزخرف : الآية ٢٢.
(٢) سورة البقرة : الآية ١٧٠.