القصيدة ، فجعل المتوكل يبكي بكاءً طويلاً حتى بلّت دموعه لحيته ، وبكى معه ندماؤه وهم في نشوة السكر والتكبر والزهو ، ثمّ أمر برفع الشراب (١).
واهتدى به عليهالسلام بعض رجال السلطة ومنهم يحيى بن هرثمة الذي كان على رأس الوفد الذي أشخص الامام عليهالسلام من المدينة المنورة الى سامراء ، وقد كان حشوياً ، ولما رأى كرامات الامام عليهالسلام وسيرته في بعض مراحل تلك الرحلة ، رمى بنفسه عن دابته ، وعدا إلى الامام عليهالسلام فقبّل ركابه ورجله ، وقال : أنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأنكم خلفاء الله في أرضه ، فتشيع ولزم خدمة الامام عليهالسلام إلى أن مضى (٢).
ورجل آخر من رجال الدولة كان ضمن الوفد الذين أرسلهم المتوكل لاشخاص الامام عليهالسلام من المدينة الى سامراء ، وهو أبو العباس خال شبل كاتب إبراهيم بن محمد ، تأثر بهدي الامام عليهالسلام7 حينما شاهد احدى معاجزه في الطريق الى العراق وسمع كلامه ، ولم يكن في شيء من هذا الأمر ، وكان يعيب على أخيه وعلى أهل هذا القول عيباً شديداً بالذمّ والشتم ، ولما شاهد بعض كرامات الامام الهادي عليهالسلام أثناء الطريق تعجب من ذلك ، ورفع يديه إلى السماء ، فسأل الله الثبات على المحبة والايمان والمعرفة ، قال : لقد كنت شاكاً وأصبحت وأنا عند
__________________
(١) راجع : مروج الذهب ٤ : ٣٦٧ ، تذكرة الخواص : ٣٢٢ ، البداية والنهاية ١١ : ١٥ ، وفيات الأعيان ٣ : ٢٧٢.
(٢) الثاقب في المناقب : ٥٥١ ، الخرائج والجرائح ١ : ٣٩٣ الباب الحادي عشر ، كشف الغمة ٣ : ١٨٠.