نفسي من أغنى الناس في الدنيا والآخرة (١).
ومنهم زرافة الحاجب الذي تولى الامام عليهالسلام بعد أن سمع منه في يوم الفطر من سنة ٢٤٧ أن المتوكل يهلك بعد ثلاث ، وتحقق ذلك ، قال زرافة : أراد المتوكل أن يمشي علي بن محمد بن الرضا عليهمالسلام يوم السلام ، فقال له وزيره : إن في هذا شناعة عليك وسوء مقالة فلا تفعل. قال : لا بدّ من هذا. قال : فإن لم يكن بدّ من هذا فتقدم بأن يمشي القواد والأشراف كلهم حتى لا يظنّ الناس أنك قصدته بهذا دون غيره ، ففعل ومشى عليهالسلام وكان الصيف ، فوافى الدهليز وقد عرق. قال : فلقيته فأجلسته في الدهليز ، ومسحت وجهه بمنديل ، وقلت : إن ابن عمك لم يقصدك بهذا دون غيرك ، فلا تجد عليه في قلبك. فقال : إيهاً عنك ( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) (٢).
قال زرافة : وكان عندي معلم يتشيع ، وكنت كثيراً أمازحه بالرافضي ، فانصرفت إلى منزلي وقت العشاء ، وقلت : تعال يا رافضي حتى أحدثك بشيء سمعته اليوم من إمامكم. قال : وما سمعت؟ فأخبرته بما قال. فقال : يا حاجب ، أنت سمعت هذا من علي بن محمد؟ قلت : نعم. قال : فحقك علي واجب بحق خدمتي لك فاقبل نصيحتي. قلت : هاتها. قال : إن كان علي بن محمد قد قال ما قلت فاحترز ، واخزن كل ما تملكه ، فإن المتوكل يموت أو يقتل بعد ثلاثة أيام ، فغضبت عليه وشتمته وطردته من بين يدي ، فخرج. فلما خلوت بنفسي تفكرت وقلت : ما يضرني أن آخذ بالحزم ، فإن كان من هذا شيء كنت قد
__________________
(١) الخرائج والجرائح ١ : ٤١٥ / ٢٠.
(٢) سورة هود : ١١ / ٦٥.