بل هو ظاهر كلّ من قال : إنّ العدالة هي ظاهر الإسلام مع عدم ظهور الفسق.
أقول : لا ينبغي الريب في تحقّق ملكة العدالة في غير المؤمن أيضاً ، ولكن هي غير ما نحن نتكلّم فيه.
وأمّا العدالة الشرعيّة التي كلامنا فيها فالأصل عدم تحقّقها فيه ، والأخبار المتقدّمة وإن كان ظاهرها الإطلاق ، إلاّ أنّ وجوب الاخوّة وقبول الشهادة يوجب الاختصاص بالمؤمن ، ولو لا ذلك لأمكن القول بثبوتها له إذا كان مصداقاً لما في الصحيحة.
فإن قيل : كيف يمكن كونه مصداقاً له مع كونه مرتكباً لأكبر الكبائر؟! وهو متابعة الإمام الجائر ، والردّ على المنصوب من قبل الله سبحانه وعدم قبوله ، كما في رواية أبي الصامت المرويّة في التهذيب : « أكبر الكبائر سبع » فعدّها وعدّ السابع : « إنكار ما أنزل الله عزّ وجلّ » إلى أن قال : « وأمّا إنكار ما أنزل الله عزّ وجلّ فقد أنكروا حقّنا وجحدوا له » الحديث (١).
وفي رواية عبد الرحمن بن كثير الهاشمي المرويّة في الفقيه : « الكبائر سبع فينا أُنزلت » فعدّها إلى أن قال : « وإنكار حقّنا » الحديث (٢).
قلنا : كون ذلك معصية كبيرة إنّما هو على فرض التقصير في التحقيق وعدم حصول العلم ، وإلاّ فلا يكلّف الله نفساً فوق معلومها.
كذا ذكره جماعة من المتأخّرين (٣) ، ولكنّ التحقيق خلاف ذلك ، بل
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٤٩ ، ٤١٧ ، الوسائل ١٥ : ٣٢٥ أبواب جهاد النفس ب ٤٦ ح ٢٠ وفيه صدر الحديث.
(٢) الفقيه ٣ : ٣٦٦ ، ١٧٤٥ ، الوسائل ١٥ : ٣٢٦ أبواب جهاد النفس ب ٤٦ ح ٢٢.
(٣) كالشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٤٠١ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٣ : ٢٧٨.