وبمجرّد الترقّي عنه يدخل في حسن الظاهر ، ويتّصل في جانبه الآخر بمرتبة العصمة ومنزلة النبوّة والولاية ، وبمحض التنزّل عنها يدخل فيه ، وأدنى ما ثبتت كفايته من الأخبار ما دلّت عليه صحيحتا محمّد المتقدّمتين (١) ، من قبول الشهادة إذا عُلِمَ منه خير.
ولا يتوهّم أنّ العلم بالخيريّة لا يحصل إلاّ بالمعاشرة أو الشياع ؛ لأنّه إذا شاهده متردّداً إلى المسجد في مواقيت الصلاة ويصلّي فقد علم منه خيراً.
ومنها ما يدلّ على اشتراط كونه خيراً ، وهو أعلى من السابق.
ومنها ما يدلّ على اشتراط العفّة والصيانة ، أو مأمونيّة الظاهر.
ومنها ما يدلّ على اشتراط عدم الخلف في الوعد ، وعدم الكذب في الحديث ، وعدم الظلم في المعاملة. ولكنّها لا تدلّ على اشتراط جميع ذلك في ثبوت العدالة ، فلعلّها لثبوت مجموع كمال المروّة ، ووجوب الاخوّة ، وثبوت العدالة.
ومنها ما يتضمّن الثناء الجميل والفضل.
والمتضمّن للجميع صحيحة ابن أبي يعفور (٢) ، المتضمّنة لـ : أنّ الدليل على العدالة كونه ساتراً لجميع عيوبه ، معاهداً لصلواته ، حافظاً لمواقيتها ، غير متخلّف بدون علّة من جماعتها ، مشهوداً له في قبيلته ومحلّته إنّا ما رأينا منه إلاّ خيراً ، مواظباً على الصلوات ، متعاهداً لأوقاتها ؛ لأنّ بكونه ساتراً للعيوب عُلِمَ الخير ـ لأنّه خيرٌ والعفّة ، والصيانة ، ومأمونيّة الظاهر ، وبشهادة القبيلة يحصل الثناء الجميل ، وبهما وبالتعاهد للصلوات وحفظ مواقيتها يعلم الصلاح عرفاً والخيريّة.
__________________
(١) في ص ١٠٧.
(٢) المتقدّمة في ص ٧٦.