« متحنّناً على أُمّته » ، ومع ذلك بعث للفحص عن أحوال الشهود ، وأخّر القضاء الذي هو واجب فوراً ، وكان ديدنه ذلك ، وقصر في الحكم على صورة الإتيان بالنبإ وذكر الفضل عنهم ، ولم يحكم في صورة الإتيان بالنبإ القبيح ، ولا في صورة عدم المعرفة ، بل رغب في الصلح وأحلف ؛ مع أنّه لو كان عدم المعرفة في الصورة الأخيرة لعدم معرفة الإسلام لم يتوقّف على معرفة القبيلة والمحلّة ، بل يكفي إقرار الشاهد بأحد الطرفين ، ولا يفيد جرح المدّعى ، فكان عليه التفتيش.
ومع مفهوم قوله : « فإذا كان كذلك » إلى قوله : « فإنّ ذلك يجيز شهادته وعدالته بين المسلمين » في صحيحة ابن أبي يعفور (١).
وكذا سائر الأخبار المشترطة للصلاح أو المعروفيّة به ، وللخيريّة والمعروفيّة بها ، وغير ذلك ممّا مرّ.
والتعارض بالعموم من وجه.
فلو لم نقل بعدم حجّية أخبار ظاهر الإسلام لمخالفتها الشهرة العظيمة الجديدة والقديمة ، حتى جعلها المحقّق في الشرائع شاذّة نادرة (٢) تكون مرجوحة البتّة ؛ لندرة القائل ، وقلّة العدد ، وضعف السند في الأكثر ، وقصور الدلالة ، وموافقة العامّة ، وكون كثير من معارضاتها أحدث ، فهي راجحة قطعاً.
ولو سلّمنا عدم الترجيح فليرجع إلى الأصل ، وهو مع المعارضات.
ومنه يظهر ضعف القول الثاني جدّاً ، ووجوب رفع اليد عنه.
وأمّا القول الثالث وهو حسن الظاهر فلا شكّ أنّ لحسن الظاهر عرضاً عريضاً ، ومراتب شتّى ، فيتّصل في أحد جانبيه بمجهول الحال ،
__________________
(١) المذكورة في ص ٧٦.
(٢) الشرائع ٤ : ٧٦.