يتّصف بذلك فهو عادل وإن لم يكن قبله عادلاً. ولا شكّ أنّ بعد العلم بالتوبة يُعلَم لأجلها حسن ظاهره ، ويكون حينئذٍ مجتنباً اجتناباً منبعثاً عن صفة نفسانيّة بعثته على التوبة.
نعم ، يشكل على القول بكون العدالة ملكة راسخة كالشجاعة والسخاوة كما هو ظاهر أكثر المتأخّرين (١) ، فإنّ في زوالها بفعل كبيرة إشكالاً ؛ لأنّ فعل كبيرة لا ينافي تلك الملكة ، كما اشتهر أنّ الصدوق قد يكذب ، ثم في عودها بمجرّد التوبة أيضاً إشكالاً.
ويمكن التفصّي عن الأول : بأنّهم لا يقولون إنّ العدالة المعتبرة شرعاً هي تلك الملكة فقط ، بل هي مقارنة مع عدم فعل الكبيرة أي مع الاجتناب عنها فبمجرّد الارتكاب تزول العدالة الشرعيّة عنه ؛ ضرورة انتفاء الكلّ بانتفاء جزئه.
وبذلك يحصل التفصّي عن الثاني أيضاً ؛ فإنّ التوبة لمّا كانت مزيلة لأثر الارتكاب ، أو كانت التوبة محصّلة للاجتناب المطلوب كما أُشير إليه أو كانت قائمة شرعاً مقام الاجتناب ، تعود العدالة الشرعيّة.
فالمراد : زوال العدالة الشرعيّة وعودها دون نفس الملكة ، أو المراد بالزوال والعود المذكورين : أنّ غاية ما يحصل من معرفة الملكة ولو بالمعاشرة التامّة الباطنيّة هي المعرفة الظنيّة ، وهي ترتفع مع ارتكاب كبيرة ، فإنّه كما يمكن أن يكون ذلك الارتكاب مع بقاء الملكة وبعث الأُمور الخارجيّة على الارتكاب يمكن أن يكون لانتفاء الملكة أولاً.
فالمراد زوال معرفة العدالة ، ثم بعد ندامته وتوبته يحصل الظنّ بكون
__________________
(١) منهم السيوري في كنز العرفان ٢ : ٣٨٤ ، الشهيد الثاني في الروضة ١ : ٣٧٨ ، الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٣٥١.