للأصل.
وصرّح بعض مشايخنا المعاصرين بوجود القول بثبوتها بشهادة الواحد أيضاً ، وربّما يشعر بالثبوت بها كلام المحقّق الأردبيلي (١). ولا أرى عليه دليلاً ، إلاّ بعض ما يذكرونه دليلاً على حجّية مطلق خبر العدل ، وقد ذكرناه في العوائد مع ضعفه (٢).
وقد يستدلّ له أيضاً بأنّ حصول العلم بالعدالة إمّا متعذّر أو متعسّر ـ ولو بالمعاشرة والشياع فلا مناص فيه عن العمل بالظنّ ، وشهادة العدل الواحد مفيدة له أيضاً.
وفيه : أنّ الثابت منه لو سلّم كفاية الظنّ في الجملة لا مطلق الظنّ ، فيجب الاقتصار فيه على القدر المجمع عليه ، فإنّ الضرورة تقدّر بقدرها.
ومنه يظهر عدم كفاية الشياع المفيد للظنّ ، ولا المعاشرة المفيدة له ، بل لا بدّ من إفادتهما العلم.
وبعد ما ذكرنا في بيان العدالة وتحقيقها ووصولك إلى حقيقته ، لا يختلج ببالك أنّ حصول العلم بوجود العدالة لشخص بالمعاشرة أو الشياع متعذّر ، فلا بدّ من الاكتفاء بالظنّ ؛ إذ قد عرفت أنّ المناط في الحكم بعدالة شخص شرعاً هو كونه حسن الظاهر ، ومتّصفاً بأوصاف يسهل تحصيل العلم بها بالمعاشرة أو الشياع ، بل قد يحصل العلم بها بإخبار العدل الواحد المحفوف بالقرائن المفيدة للعلم ، فتثبت به حينئذٍ أيضاً.
والحاصل : أنّ العدالة وإن كانت ملكة نفسانيّة أو صفات وحالات منبعثة عن الملكة النفسانيّة ، والعلم بها في غاية الصعوبة إلاّ أنّه قد عرفت
__________________
(١) مجمع الفائدة ١٢ : ٣٢٥.
(٢) عوائد الأيام : ٢٧٧.