الشهود من أخلاط الناس لا يُعرَفون ، ولا قبيلة لهما ولا سوق ولا دار ، أقبل على المدّعى عليه وقال : ما تقول فيهما؟ فإن قال : ما عرفت إلاّ خيراً غير أنّهما قد غلطا فيما شهدا عليّ ، أنفذ عليه شهادتهما ، وإن جرح عليهما وطعن في شهادتهما أصلح بين الخصم وخصمه ، أو حلّف المدّعى عليه ، وقطع الخصومة بينهما صلىاللهعليهوآلهوسلم » (١).
وكون قوله : « ما عرفت إلاّ خيراً » أعمّ من التعديل لشموله لصورة عدم معاشرة معهما إلاّ في أيّام قلائل جدّاً ، ومثله لا يفيد إجماعاً غير ضائر ؛ لأنّ خروج بعض صور المطلق بدليل لا يضرّ في الباقي ، ويختصّ القبول حينئذٍ بحقّ ذلك الشخص المعدِّل ، فلا يثبت تعديله في حقّ غيره.
وهل يختصّ في حقّ ذلك الشخص بهذه الواقعة المخصوصة ، أو يتعدّى إلى غيرها أيضاً؟
الظاهر : الثاني (٢) ؛ اقتصاراً فيما يخالف الأصل على مورد النصّ.
ولا يشترط في بيان المدّعى عليه لفظ الرواية أي « ما عرفت إلاّ خيراً » بل يكفي : ما عرفته إلاّ عدلاً ، أو هو عادل بعد كونه عارفاً بمعنى العدالة أو ذكر ما يفيد معنى العدالة ؛ للإجماع المركّب.
وكذا لو ضمّ معه ذنباً لا ينافي العدالة ، كأن يقول : ما عرفت إلاّ خيراً إلاّ أنّه قد لا يردّ السلام ، أو : لم يردّ سلامي ، أو : رأيته يسمع الغيبة نادراً ؛ لما ذكر من الإجماع المركّب.
__________________
(١) تفسير العسكري عليهالسلام: ٦٧٣ ، ٣٧٦ ، الوسائل ٢٧ : ٢٣٩ أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب ٦ ح ١ ، بتفاوت يسير.
(٢) كذا ، ولعلّ الصحيح : الأول. أو أنّ في الكلام سقطاً من قبيل : والأحوط الأول اقتصاراً ..