التعديل إلاّ نادراً ، وهو خلاف المعلوم من سيرة الأصحاب ؛ لكثرة وقوع التعديل منهم وعندهم ، بل أصل التفصيل فيه خلاف المعلوم من سيرتهم.
بخلاف الجرح ، فإنّه يثبت بسبب واحد.
والحاصل : أنّ مقتضى الأصل التوقّف على التفصيل فيهما ؛ لما في أسبابهما من الاختلاف ، خرج عنه في التعديل بالدليل ، وبقي في الجرح. وهذا مراد من استدلّ في الأول بالتعسّر ، وفي الثاني بأنّ الخطأ في مبنى الجرح لوقوع الاختلاف في أسبابه محتمل.
وممّا ذكرنا ظهر ضعف ما يردّ به الثاني من اشتراك سبب الاختلاف ؛ لوجوب التفصيل.
وأمّا جعل احتمال الخطأ سنداً ثانياً للتفصيل كبعضهم (١) فظاهر الوهن جدّاً ؛ لظهور الاشتراك.
ثم إنّه يرد عليهم : أنّه إن أُريد أنّ نفس التعسّر يوجب رفع اليد عن التفصيل.
ففساده ظاهر ؛ إذ بتعسّر وجود الشرط لا يجوز الحكم بوجود المشروط بدونه.
وإن أُريد أنّ سيرة الأصحاب وإجماعهم دلاّ على كفاية الإطلاق على النحو الذي أشرنا إليه.
ففيه : أنّه إن أُريد أنّ الثابت من تعسّر التفصيل في التعديل وندرته جريان سيرتهم على قبول الإطلاق فيه مطلقاً يعني حتى من الجاهل بالأسباب ، أو من لم يعلم حاله ، وحتى من غير من يعلم موافقته مع
__________________
(١) انظر الرياض ٢ : ٣٩٢.