توجب ظنّ ميله في الشهادة وكذبه فيها سواء كانت هذه الحالة موجبة لظنّ الكذب مطلقاً ككونه معروفاً بالكذب ، أو بشهادة الزور ، أو بالارتشاء للشهادة ، أو بالرضا بالعطاء والسخط بالمنع ، كما ذكره في السائل بالكفّ أو لظنّ كذبه لشخص خاصّ ، أو على شخص خاصّ ؛ لصداقة أو عداوة ، أو في واقعة خاصّة ؛ لرجوع النفع أو الضرر فيها عليه.
وليس المراد كون الحالة صالحة لإيجاب ظنّ الميل ولو لم توجبه بالفعل لمعارضة حالة اخرى ، كصديق له المرتبة العليا من التديّن والعدالة ، فإنّ الصداقة وإن كانت معرضاً لذلك الظنّ ولكنّ عدالته وديانته مانعة عن هذا التوهّم والظنّ ؛ إذ مع ذلك ليس متّهماً لغةً ولا عرفاً. بل المراد كونها موجبة لذلك الظنّ بالفعل.
ثم لا يتوهّم أنّ كون الشخص كذلك ينافي كونه عادلاً ؛ لأنّ شهادة الزور والميل في الشهادة من المعاصي الكبيرة ، فلا يجتمع ظنّها في حقّ شخص مع معرفة عدالته ، التي هي العلم باجتناب الكبائر ، أو الظنّ به لا أقلّ.
إذ لو كان ذلك منافياً له لزم ردّ شهادة عادل جَرَحه فاسق ، أو عادل واحد لو حصل الظنّ بقوله ، أو عدلان بالمظنّة أي أخبرا بظنّ جرح فيه إذا أوجب ذلك ظنّ الجرح ، أو مضت مدّة وحصلت أُمور لم يعلم انتفاء العدالة أم لا ؛ مع أنّ كلّ ذلك مخالف للإجماع المقطوع به.
والحلّ : أنّ ذلك الظنّ وإن كان منافياً لمعرفة العدالة الواقعيّة ولكنّه غير منافٍ لمعرفة العدالة الشرعيّة ، التي هي مناط قبول الشهادة ؛ لأنّ الشارع أقام استصحاب العدالة مقام العلم بها واقعاً ، وأمر بعدم نقض العلم بها بالشكّ ولا بالظنّ ، فمثل ذلك الشخص عادل شرعاً.