والدليل عليه : صحيحة عليّ : عن السائل الذي يسأل في كفّه ، هل تقبل شهادته؟ فقال : « كان أبي عليهالسلام لا يقبل شهادته إذا سأل في كفّه » (١).
وموثّقة محمّد : « ردّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شهادة السائل الذي يسأل في كفّه » ؛ قال أبو جعفر عليهالسلام : « لأنّه لا يؤمن على الشهادة ، وذلك لأنّه إن اعطي رضي ، وإن مُنِعَ سخط » (٢).
دلّ التعليل على أنّ صاحب ذلك الوصف ليس مأموناً عن شهادة الزور والكذب ما دام كذلك ، فلا تعرف عدالته ؛ لأنّ من لا يظنّ عدم ارتكابه الكذب وشهادة الزور كيف يُعرَف بالعدالة؟! فلا يكون ذلك عادلاً ، ويكون هذا الوصف مانعاً عن الحكم بالعدالة بمعرّفاته أولاً ، فلا تعارض بين الروايتين وعمومات قبول شهادة العدل.
نعم ، لو عرف أولاً بالعدالة ثم صار سائلاً بالكفّ يلزم استصحاب عدالته وقبول شهادته ؛ إذ غايته عدم الأمن من كذبه ، الذي مرجعه إلى الشكّ أو الظنّ ، ولا عجب فيه إن لم يثبت الإجماع المركّب ، فتأمّل جدّاً (٣).
__________________
(١) الكافي ٧ : ٣٩٧ ، ١٤ ، التهذيب ٦ : ٢٤٤ ، ٦٠٩ ، الوسائل ٢٧ : ٣٨٢ ، أبواب الشهادات ب ٣٥ ح ١.
(٢) الكافي ٧ : ٣٩٧ ، ١٣ ، التهذيب ٦ : ٢٤٣ ، ٦٠٨ ، الوسائل ٢٧ : ٣٨٢ أبواب الشهادات ب ٣٥ ح ٢.
(٣) في « ح » : لا يقال : حكم الشارع بعدم كونه مأموناً حكمٌ بوجود الشكّ أو الظنّ بالخلاف ، وهو منافٍ للاستصحاب الذي هو عدم نقض اليقين السابق فيجب رفع اليد عن الاستصحاب هنا ؛ لأعمّيته.
قلنا : هذا إذا كان معناه أنّه ليس مأموناً شرعاً.
ويمكن أن يكون المراد أنّه غير مأمون واقعاً وإن كان مأموماً ظاهراً ؛ للاستصحاب.
وفيه : أن لا بدّ في صحّة الحكم من كلّيّة الكبرى ، فلو كان المراد أنّه غير مأمون واقعاً لم تصحّ كلّية الكبرى ، وهي : أنّ كل غير مأمون واقعاً لا تقبل شهادته ؛ إذ ليس كذلك ، فإنّ المأمون الاستصحابي تقبل شهادته ، فيجب أن يكون المراد أنّه غير مأمون شرعاً ، فيكون هذا منافياً لاستصحابه ، فلا يكون عادلاً بالاستصحاب أيضاً ، فلا تقبل العدالة الأولية أيضاً ؛ لعدم صحّة استصحابهما هنا. وهذا هو وجه التأمّل منه رحمه الله تعالى.