وعلى هذا ، فيجب ترك الأصل فيما كان على خلافه دليل ، كما في شهادة الكافر على أهل ملّته ، كما اختاره الإسكافي والشيخ في النهاية والخلاف (١) ، ونسبه في الأخير إلى بعض أصحابنا ، وهو ظاهر الفاضل في المختلف بل صريحه (٢) ، ومال إليه في التنقيح والكفاية (٣).
وقد جعل بعض مشايخنا المعاصرين قول الخلاف والمختلف والتنقيح قولاً آخر غير ذلك ، بل جعله رجوعاً من الشيخ عن ذلك (٤) ، حيث قال بعد اختياره ذلك القول ـ : والوجه فيه إذا اختاروا الترافع إلينا ، فأمّا إذا لم يختاروا فلا يلزمهم ذلك (٥).
والظاهر أنّه ليس قولاً آخر ، بل هو بيانٌ لذلك القول ، يعني : أنّ عدم القبول مع اختلاف الملّة إذا ترافعوا إلينا ، فلا تقبل شهادة غير ملّتهم أو المسلم. وأمّا إذا لم يختاروا الترافع إلينا فلا يلزمهم إشهاد الموافق أو المسلم ، ولا يشترط في إجراء أحكامهم عليه ذلك ، بل يحكم بإجراء أحكامهم عليهم ، كسائر الأحكام من الحلف والطلاق وغيره.
وليس هذا التفصيل مختصّاً بالخلاف ، بل حكمه في النهاية أيضاً كذلك ، وكذا كلّ من يجوّز شهادة بعضهم لبعضٍ من أهل ملّتهم ، ولا يجوز مع الاختلاف.
وزاد في المختلف والتنقيح على قوله : إذا ترافعوا إلينا ، قوله : وعدّلوا
__________________
(١) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٧٢٢ ، النهاية : ٣٣٤ ، الخلاف ٢ : ٦١٤.
(٢) المختلف : ٧٢٢.
(٣) التنقيح ٤ : ٢٨٨ ، الكفاية : ٢٧٩.
(٤) الرياض ٢ : ٤٢٧.
(٥) الخلاف ٢ : ٦١٤.