عرفاً ولغةً : أنّه غير حاضر وغير مخبر عمّا شاهده.
وإلى هذا يشير كلام الشهيد في الدروس حاكياً عن بعض الأصحاب ، حيث قال : ولا بدّ عند الإقامة من إتيان الشاهد بلفظ الشهادة ، فيقول : أشهد بكذا ، وأنا شاهد عليه الآن بكذا ، أو : شهدت عليه ، ولو قال : أعلم ، أو أتيقّن ، أو أُخبر عن علم أو حقّ ، لم يُسمَع ، قاله بعض الأصحاب (١). انتهى.
ولا يعارضه ما قيل من إطلاق الفتاوى والنصوص المتقدّمة ، المتضمّنة للفظ العلم والمعرفة (٢) ، المتقدّمة في المسألة الأُولى.
لأنّ الفتاوى وإن كانت في العنوان مطلقة ، ولكن الأكثر قيّدوها بعده بالمشاهدة أو الرويّة ، وما أرادوا المطلق ، وإلاّ لم يجعلوا الشهادة في النسب والوقف وأشباههما ممّا يكتفون فيها بالاستفاضة مستثناة ، سيّما عند الأكثر المشترطين للاستفاضة العلميّة. ولو سلّم إطلاق البعض لم يصلح للمعارضة.
وأمّا النصوص فلا عموم فيها أصلاً ؛ لتضمّنها لفظ الشهادة أيضاً ، فمدلولها أنّه لا بدّ مع الحضور من العلم والمعرفة ، ولا يكفي مطلق الحضور حتى الذي لم يفد غير الظنّ ؛ مع أنّ العلم في المرسلة (٣) ليس عامّاً ، بل معناها : أنّه لا يكون الإخبار عمّا شاهده إلاّ مع علم به ، والأخبار المتعقّبة لها مخصوصة بعلم خاصّ ، هو العلم بالكفّ وبالشمس المرئيّة ، واختصاصهما بالعلم الحاصل عن المشاهدة ظاهر ، فهي أيضاً أدلّة على
__________________
(١) الدروس ٢ : ١٣٥.
(٢) انظر الرياض ٢ : ٤٤٧.
(٣) أي مرسلة الفقيه المتقدّمة في ص ٣٢١.