كان المناط العلم مطلقاً لم ينحصر بالعلم الحاصل من التسامع ، بل يحصل كثيراً ما من التجارب والحدسيّات والاستقراء ، بل عن قول ثلاثة أو اثنين أو واحد ، كما ذكروه في الأُصول. واختلفوا في أنّه هل يحصل العلم من الخبر الواحد ، أم لا؟ وعلى الأول هل يطرد ، أم لا؟
فإن قيل : عدم اعتبار هذه العلوم لاختلافها شدّةً وضعفاً وتخلّفها كثيراً.
قلنا : تحقّق هذا التخلّف والاختلاف في العلم الحاصل من التسامع أكثر بكثير.
ولا تنافي ما ذكرنا رواية حفص بن غياث : أرأيت إذا رأيتُ شيئاً في يدي رجل ، أيجوز لي ان اشهد أنّه له؟ قال : « نعم » قال الرجل : أشهد أنّه في يده ولا أشهد أنّه له فلعلّه لغيره ، فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : « أفيحلّ الشراء منه؟ » قال : نعم ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : « فلعلّه لغيره ، فمن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكاً لك ثم تقول بعد الملك : هو لي ، وتحلف عليه ، ولا يجوز أن تنسبه إلى من صار ملكه من قبله إليك؟! » الحديث (١).
لأنّ ذلك أيضاً شهادة مستندة إلى حسّ البصر ، وهو الرؤية في يد زيد ، واليد معرِّف شرعيّ للملكيّة الظاهريّة ، أي كونه محكوماً له بالملكية ما لم يعلم خلافها.
بل اليد التي لم يعلم فيها عدم الملكيّة هي نفس الملكيّة الظاهريّة ، فإنّ الملكيّة ارتباط جعليّ من الشارع ، إمّا واقعاً وهي ما كان كذلك في نفس الأمر ، وهي لا يظهر خلافها أو ظاهراً ، وهي كونها كذلك على
__________________
(١) الكافي ٧ : ٣٨٧ ، ١ ، الفقيه ٣ : ٣١ ، ٩٢ ، التهذيب ٦ : ٢٦١ ، ٦٩٥ ، الوسائل ٢٧ : ٢٩٢ أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب ٢٥ ح ٢ ، بتفاوتٍ يسير.