الأمة والمنقطعة فراشاً ، وكذلك إقرار الوالد.
بل المشاهد المحسوس أنّ بتقاليب الدهر وتصاريف الزمان يجيء هذا من خراسان إلى العراق وبالعكس ، ومن فارس إلى أحدهما وبالعكس ، ومن العرب إلى العجم وبالعكس ، ومن الترك إليهما وبالعكس ، وهكذا ، فيتوطّن في المقام الثاني ، وينسب فيه إلى أبيه أو قبيلته بقول أربعة أو ثلاثة ، بل بقول نفسه ، ويبقى في ذلك البلد ، ويشتهر فيه بتلك النسبة بعد مدّة ، سيّما إذا ماتت الطبقة الأُولى ، بحيث ينسبه بها جميع أهل البلد أو المملكة ، وأكثر الأنسباء إلى الطبقات التي فوق الأُولى أو الثانية كذلك.
نعم ، يحصل العلم من الاستفاضة في النسبة ، وذلك أيضاً من أقوى الشواهد على ما قلنا من أنّ نفس الاستفاضة هو سبب تحقّق النسبة ، ونَسَبُ شخص مَن اشتهر بنسبته إليه من غير معارض.
ومرادنا من الاستفاضة العلميّة : أن يعلم أن كلّ أحد يعرف المنتسبين بنسبتهما إلى الآخر ، ونقول : هذا نفس النسبة المخصوصة ، كالأبنية مثلاً.
فلو نذر أحد لشخص لبني تميم يبرأ بالإعطاء إلى من ينسبه كلّ من يعرفه [ في هذا البلد إليهم ] (١) وإن لم يعلم سبب نسبتهم.
بل وكذا نقول في مثل الوقف ، فإنّ المعلوم فيه بالاستفاضة لا بدّ وأن يكون هو صيغة الوقف والإقباض ، ونحن نجد من أنفسنا أن ما استفاضت وقفيّته ولا نشكّ فيها كالمساجد العظيمة الجامعة في المدن الكبيرة والمدارس والرباطات والقناطر والقباب والقنوات الوقفيّة لا نظنّ من أغلبها صدور صيغة الوقف ، فكيف من العلم به؟! وهذا أيضاً من أقوى الشواهد على ما ذكرنا من أنّ مناط ثبوت الوقفيّة
__________________
(١) في « ق » و « ح » : إلى هذا البلد إليه ، والظاهر ما أثبتناه.