فإن قيل : الاستصحاب سبب لولا المزيل واقعاً ، فلعلّه تحقّق المزيل ولم يعلم به الشاهد.
قلنا : كذلك اليد ، سببٌ لولا المعارض أو اعتراف ذي اليد بخلافه ، فلعلّه تحقّق من دون اطّلاع الشاهد.
والحلّ : أنّ كلاًّ منهما دليل شرعيّ للشاهد ، وهو يشهد عن معلومه ولو بواسطة الشرع ، لا عن معلوم غيره.
وأيضاً يجوز للشاهد الاستصحابي شراء الملك ممّن كان يعلم أنّه له أمس ، ثم ادّعاء ملكيّته والحلف عليه ، فله أن يشهد بملكيّة من كان ملكه سابقاً ، بالعلّة المنصوصة في رواية حفص المتقدّمة (١).
هذا ، مضافاً إلى خصوص المعتبرة المجوّزة للشهادة بالاستصحاب :
كصحيحة ابن وهب : إنّ ابن أبي ليلى يشهدني الشهادة على أنّ هذه الدار مات فلان وتركها ميراثاً ، وأنّه ليس له وارث غير الذي شهدنا له ، فقال : « اشهد ، فإنّما هو على علمك » قلت : إن ابن أبي ليلى يحلفني الغموس (٢) ، قال : « احلف ، إنّما هو على علمك » (٣).
فإنّ ترك الميّت للدار ميراثاً ، وانتفاء وارث آخر له ، ليس إلاّ
__________________
(١) في ٣٢٧.
(٢) في الحديث : « اليمين الغموس هي التي تذر الديار بلاقع » اليمين الغَمُوس : هي اليمين الكاذبة الفاجرة التي يقطع بها الحالف ما لغيره ، مع علمه أنّ الأمر بخلافه ، وليس فيها كفّارة لشدّة الذنب فيها ، سمّيت بذلك لأنّها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار. وفي الحديث : « اليمين الغموس هي التي عقوبتها دخول النار » وهي أن يحلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حقه ظلماً مجمع البحرين ٤ : ٩٠.
(٣) الكافي ٧ : ٣٨٧ ، ٢ ، التهذيب ٦ : ٢٦٢ ، ٦٩٦ ، الوسائل ٢٧ : ٣٣٦ أبواب الشهادات ب ١٧ ح ١ ، بتفاوت.