في أداء الشهادة ومستندها.
وأمّا الحاكم وتكليفه في القبول واستنتاج الحكم منها فهو أمر آخر ، غير لازم لذلك ، فإنّ جواز الشهادة للشاهد لا يستلزم جواز الحكم بكلّ ما تجوز له الشهادة ، كما في شهادة الجرح والتعديل ، فإنّه لا شكّ في جواز الشهادة بالتعديل المطلق ، والجرح كذلك للعالم به ، ولكن لا يجب على الحاكم عند الأكثر ، بل لا يجوز له الحكم به إلاّ مع بيان السبب ، أو اتّفاق الشاهد مع الحاكم في أسبابهما.
وعلى هذا ، فالأهمّ هنا بيان تكليف الحاكم ، وأنّه بأيّ شهادة يحكم. والمحصّل : أنّ فيما سبق كان الكلام في مستند الشهادة ، وبقي الكلام في مستند الحكم أي الشهادة التي تصلح مستنداً للحكم أنّه هل يكفي الإطلاق في الشهادة ، بأن يقول : هذا ملك زيد ، أو : له على عمرو كذا ، أو : باع زيد داره لعمرو ، أو : غصب ، ونحو ذلك ، أو : أعلم أنّه كذا؟
أو لا يكفي ، بل يشترط فيه بيان المستند ، وذكر السبب من الحسّ ، أو الاستفاضة ، أو اليد ، أو الاستصحاب ، أو نحوها ممّا هو مستند الشاهد؟
وبعبارة اخرى : هل يشترط أن تكون الشهادة حسّية بأن تذكر محسوساته ـ أو تكفي العلميّة؟
الحقّ : هو الأول ؛ لوجهين :
أحدهما : أنّه قد عرفت الاختلاف الشديد فيما يصلح أن يكون مستنداً للشهادة ، فإنّ الأكثر قالوا بوجوب الاستناد إلى الحسّ وعدم كفاية مطلق العلم.
ومنهم من استثنى العلم الحاصل بالاستفاضة في موارد خاصّة ، ولهم اختلاف كثير في تلك الموارد.