ولا يخفى ما فيه ، فإنّ الإطلاق لا يعارض التقييد الصريح المنصوص ، الموافق لعمل أعيان القدماء ، بل كما قيل (١) شهرتهم ، فلا مناص عن ترجيح القول الثاني ، وعليه الفتوى.
ثم عدم الوجوب عند عدم الاستدعاء على المختار إنّما هو إذا لم يعلم الشاهد ذهاب حقّ المحقّ بسكوته ، وإن علم ذلك تجب عليه الشهادة ، كما صرّح به الصدوق في الفقيه والشيخ في النهاية (٢) ، كما نطقت به المرسلة المتقدّمة.
وتدلّ عليه رواية إبراهيم عن أبي الحسن عليهالسلام : عن رجل طهرت امرأته من حيضها ، فقال : فلانة طالق ، وقوم يسمعون كلامه ، ولم يقل لهم : اشهدوا ، أيقع الطلاق عليها؟ قال : « نعم ، هذه شهادة ، أفيتركها معلّقة؟! » (٣).
قال : وقال الصادق عليهالسلام : « العلم شهادة إذا كان صاحبه مظلوماً » (٤).
يعني : أنّ العلم شهادة وإن لم يشهد عليه مع الظلم. وذلك يشعر بأنّه إذا لم يكن صاحبه مظلوماً ليس مطلق العلم بدون الإشهاد شهادة.
ومنه يظهر جواب آخر عن العمومات والإطلاقات للشيخ وتابعيه.
__________________
(١) انظر الرياض ٢ : ٤٤٩.
(٢) الفقيه ٣ : ٣٤ ، النهاية : ٣٣٠.
(٣) الفقيه ٣ : ٣٤ ، ١٠٩ ، الوسائل ٢٧ : ٣١٩ أبواب الشهادات ب ٥ ح ٨ ، وفيهما : عن علي بن أحمد بن أشيَم ، عن أبي الحسن عليهالسلام ، ولم نعثر على رواية عن إبراهيم بهذا المتن. نعم ، وردت بدون قوله : « أفيتركها معلّقة » عن إبراهيم بن هاشم ، عن صفوان ، عن أبي الحسن عليهالسلام انظر : الكافي ٦ : ٧٢ ، ٤ ، التهذيب ٨ : ٤٩ ، ١٥٥ ، الوسائل ٢٢ : ٥٠ أبواب الطلاق ب ٢١ ح ٢.
(٤) الفقيه ٣ : ٣٤ ، ١١٠ ، الوسائل ٢٧ : ٣١٩ أبواب الشهادات ب ٥ ح ٩.