وقيام الحجّة وعدم نقضها ، وعدم ثبوت إتلاف ، فوجود من رجع كعدمه.
واستوجه جماعة منهم : الشيخ والفاضل وولده (١) توجّه الغرم على الراجع بالنسبة ؛ لثبوت الحقّ بالمجموع من غير ترجيح ، ولأنّه لو رجع الجميع كان على كلّ واحد الغرم بحصّته.
وفيه : منع استلزام المقدّمتين للمطلوب أصلاً ، ولو استدلّ هؤلاء بإطلاق الأخبار نمنع ؛ لأنّ ما يتضمّن الرجوع بين ما يشتمل على حكم رجوع الجميع أو مخصوص بما لم يزد الشاهد عن العدد المعتبر.
ويظهر من بعض متأخّري المتأخّرين الفرق بين الشهادة دفعة وبالتعاقب ، فعلى الأول يغرم ، وكذا على الثاني إن كان الراجع هو السابق ، ولا يغرم إن كان هو الشاهد بعد الثبوت.
وفيه : أنّه كان حسناً لو كان موجب الثبوت هو الشهادة ، وليس كذلك ، بل هو الحكم الواقع بعد شهادة الجميع.
والحاصل : أنّ الغرم إنّما هو لثبوت الإتلاف ولو بإقرار الراجع بعد أن كان الإتلاف مستنداً إليه ، وليس هنا كذلك ؛ إذ الإتلاف بعد رجوعه يمكن بالاثنين الآخرين.
ولو فرض أنّ الاثنين شهدا ، فحكم ، ثم رجعا ، وشهد آخران ، فما أتلف الراجع شيئاً ؛ إذ بعد رجوعه أتلفه عليه غيره ، فالمال متلف رجع أم لا.
فلو أخذ المحكوم عليه من الراجع ثلث ما شهدوا به يلزم بقاء الحقّ وعدم أخذه منه مع ثبوت الكلّ في ذمّته بشهادة العدلين وحكم الحاكم
__________________
(١) الشيخ في الخلاف ٢ : ٦٣٤ ، الفاضل في القواعد ٢ : ٢٤٦ ، ولده في الإيضاح ٤ : ٤٥٧.