لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) (١) ، وقد ورد في أخبار العترة : أنّهم الفسّاق (٢) ، وأيّ فسقٍ أعظم من اعتقادهم الفاسد ، الذي هو من أكبر الكبائر؟!
وفيه ما ذكره شيخنا الشهيد الثاني من أنّ الفسق إنّما يتحقّق بفعل المعصية مع عدم اعتقاد كونه طاعة (٣).
ورُدّ تارةً : بأنّ مع ذلك الاعتقاد وإن لم يكن فاسقاً حقيقةً ولكنّه يصدق عليه عرفاً (٤).
وأُخرى : بأنّ معه وإن لم يكن فاسقاً عرفاً حيث إنّ المتبادر منه مدخليّة الاعتقاد في مفهومه ولكنّه فاسقٌ لغةً وشرعاً ؛ لعدم مدخليّة الاعتقاد فيه عليهما (٥).
ويرد على الأول : بأنّ ألفاظ الكتاب والسنّة تحمل على المعاني الحقيقيّة دون عرفيّة ذلك الزمان ، وإن أراد عرف زمان الشارع فممنوع جدّاً.
وعلى الثاني : أنّ الفسق في اللغة والشرع ليس موضوعاً للأعمال المخصوصة مطلقاً ولذا لا يقال بفسق شارب الخمر دواءً أو جبراً ، وكذا مفطر الصيام ونحوه بل للخروج عن طاعة الله ، وهو لا يتحقّق إلاّ بالعلم بالنهي ، فكيف مع اعتقاد الأمر؟! ولو لم يكن كذلك لزم فسق جميع المجتهدين ومقلّديهم ، إلاّ واحداً غير معيّن ؛ لأنّ حكم الله الحقيقي ليس إلاّ واحداً ، والمخالفة في الفروع أيضاً تجاوزٌ عن الحدّ ، وكون كلّ مجتهدٍ
__________________
(١) المائدة : ٤٧.
(٢) انظر الوسائل ٢٧ : ٣٧٣ أبواب الشهادات ب ٣٠.
(٣) المسالك ٢ : ٤٠١.
(٤) انظر كفاية الأحكام : ٢٧٩.
(٥) انظر الرياض ٢ : ٤٢٦.