ولا أيام الصحابة ، ولا التابعين ، وإنّما هو شيء أحدثه شريك بن عبد الله القاضي ، فلو كان شرطاً ما أجمع أهل الأعصار على تركه (١). انتهى.
فإنّ كلام الأولَين صريحٌ في اشتراط العدالة ، ويظهر من قول الثالث : وأيضاً الأصل في المسلم العدالة ذلك أيضاً ، وإلاّ لم يكن لذلك الاستدلال وجه.
وأمّا ما ذكرنا من أنّ مرادهم ليس أنّ العدالة هو ظاهر الإسلام مع عدم ظهور الفسق فيأتي بيانه ، وإن كان يستفاد من ظاهر كلام بعضهم أنّه حَمَلَ كلامهم أنّ مجرد ذلك هو العدالة (٢).
وربّما يشعر بما ذكرنا من الأمرين أنّ جماعة من الفقهاء عنونوا عنوانين :
أحدهما : مسألة وجوب البحث عن العدالة وعدمها.
والثاني : اعتبار العدالة في الشاهد وبيان معناها.
وذكروا الأول في كتاب القضاء ، وجعلوه من آداب القاضي ، ونسبوا الخلاف فيه إلى من يحكى عنه كفاية ظاهر الإسلام.
وذكروا الثاني في كتاب الشهادات ، وادّعوا عليه الإجماع ، ولم ينسبوا الخلاف فيه إلى أحد.
ويدلّ على الأمرين أيضاً ما ذكره الشيخ في الاستبصار ، حيث إنّه ـ بعد نقل رواية ابن أبي يعفور نقل مرسلة يونس المتضمّنة للأمر بالأخذ بظاهر الحال في خمسة أشياء ، ثم ذكر أنّه لا منافاة بينهما ؛ لأنّ المراد من الثانية : عدم وجوب الفحص والتفتيش ، ومن الاولى : بيان ما تتحقّق به
__________________
(١) الخلاف ٢ : ٥٩١.
(٢) المسالك ٢ : ٣٦١.