والأول مذهب شيخنا أبي جعفر في نهايته ، وشيخنا في مقنعته ، والثاني : مذهب لشيخنا في مسائل خلافه ، فإنه رجع عما ذهب إليه في نهايته » إذ هو كما ترى صريح في فهمه اللزوم من عبارتي المقنعة والنهاية ، وقد ظهر من ذلك الاضطراب في كلمات الأصحاب المحررين للنزاع.
وعلى كل حال فالمحصل أن الأقوال في المسألة ثلاثة ، وإن كان مقتضي جميع المحررين للنزاع أو أكثرهم أن المسألة ثنائية الأقوال ، إلا أن التتبع يقضي بما ذكرنا ، الأول : عدم المدخلية له في الصحة واللزوم ، وهو خيرة الخلاف والسرائر وغيرهما ممن عرفت. والثاني : توقف الصحة عليه وهو ظاهر المقنعة ، والنهاية ، والوسيلة وغيرهم ، بل هو صريح المحكي عن الطبرسي. والثالث : توقف اللزوم عليه دون الصحة ، وهو خيرة المقنعة.
وأما الاحتمالات : فهي أكثر من ذلك ، إذ منها أنه ـ شرط للصحة على جهة الكشف ، بل هو مقتضى إطلاقهم الشرطية عليه ضرورة عدم كون المراد منها في المتأخر غير الكشف ، ومن هنا وجب حمله مع فرض عدم إرادة ذلك على جزء سبب الصحة ، فإطلاق الشرطية عليه حينئذ على ضرب من المجاز ، كما جزم به في جامع المقاصد.
ومنها أنه شرط للزوم كذلك ، بناء على أن السبب في تأثيره : أي اللزوم العقد ، فشرطه المتأخر حينئذ لا يكون إلا على جهة الكشف ، ومن هنا وجب حمله مع فرض عدم إرادة ذلك على جزء السبب في اللزوم ؛ كما جزم به في المسالك ، وأن إطلاق الشرط عليه مجاز ، لكن قد يمنع تسبيب العقد اللزوم ، لانفكاكه عنه كبيع خيار المجلس وغيره ، بخلاف الصحة ، فيمكن أن يكون هو السبب في اللزوم ، وتقدم العقد حينئذ شرطه.
ومنه ينقدح احتمال ثالث : وإن كان الفرق بينه وبين القول بأنه جزء سبب في اللزوم في الثمرة غير ظاهر.