« إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » لكن إذا لم يعلم كذبه فإنه لا عبرة بإقراره قطعا ، فلا يشمله الجواز المزبور ولو رجع عن إقراره السابق لم يقبل رجوعه كما في كل إنكار بعد إقرار ، وإلا لم يكن الإقرار جائزا عليه على كل حال ، كما هو مقتضى الخبر السابق ، وما عن المبسوط ـ من أنه قوى القبول في آخر كلامه ، لجريان العادة بوقوع الشهادة في الوثائق قبل تحقق ما فيها ، بل استقر به في التذكرة ـ واضح الضعف ، بل كأنه اجتهاد في مقابلة النص ومخالف لأصالة الصحة في قول المسلم وفعله.
نعم قد تسمع دعواه لو ادعى المواطاة على الإقرار والاشهاد عليه إقامة لرسم الوثيقة ، حذرا من تعذر ذلك إذا تأخر إلى أن يتحقق القبض ويتوجه له اليمين حينئذ على المرتهن كما صرح به جماعة ، لجريان العادة بذلك ولعموم (١) « البينة على المدعي واليمين على من أنكر » واختاره المصنف بقوله على الأشبه مشعرا بوقوع الخلاف فيه ، بل صرح به في شرح الترددات ، وان لم يحضرني الآن نسخته ، إلا أنه لا يخلو من وجه ، لتكذيب دعواه بظاهر إقراره السابق.
وكذا لو ادعى الغلط في إقراره وأظهر تأويلا ممكنا ، كأن قال : اني أقبضته بالقول : فظننت الاكتفاء به حيث يمكن في حقه توهم ذلك ، أو قال : استندت فيه إلى ما كتبه وكيلي ، فظهر مزورا ونحو ذلك ، وإن صرح بالسماع فيه في التذكرة ، والدروس ، والمسالك ، والروضة ، ومحكي المبسوط ، ولعله لأنه لم يكذب إقراره في الحقيقة ، فيشمله العموم المزبور الذي يعارضه عموم الإقرار من وجه فيرجح عليه بفتوى من عرفت ، ولا دليل على عدم قبول الدعوى المكذبة والبينة كذلك على كل حال بحيث يشمل المقام الذي قد عرفت فتوى لجملة من الأساطين بالسماع فيه ، بل ربما نقل أن الأشبه سماع التأويل الممكن وإن كان الإقرار في مجلس الحكم لكن في
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب كيفية الحكم الحديث ـ ١ ـ ٣ ـ لكن فيه « واليمين على من ادعى عليه ».