وأوضح منها منعا دعوى كونها موجبة لفسخ رهنه فيما قابل الدين الثاني ، لأن المنافاة باعتبار مقصود الراهن مختصة به ، بخلاف ما زاد ، إذ الرهن متعلق بالمجموع ، فان اقتضى الاختصاص اقتضاه في المجموع ، وإلا لم يقتض في شيء منه ، ولأن الثمن على تقدير اعتبار المقابلة والزيادة بالنسبة إليه لا تنضبط ، فقد يكون في وقت الرهانة كثيرا يبقى منه بقية بعد الدين الثاني ، ثم يتجدد النقصان ، وبالعكس ، ويستحيل تجدد ثبوت الحق بعد كون العقد حال وقوعه غير مقتض له.
وعلى كل حال فيترتب على كل من الاحتمالات الثلاثة حكم إسقاط المرتهن الثاني حقه من الرهن ، فعلى ما اخترناه يبقى رهنا عند الأول ، وعلى الثاني لا حق له ، وعلى الثالث لا حق له فيما قابل الدين الثاني كما هو واضح ، ولو لم يعلم المرتهن الأول برهن الثاني حتى مات الراهن ، وفك الرهن لم يبطل الرهن ، بناء على عدم اعتبار القبض ، لكونه لازما من طرف الراهن ، فليس للورثة ولا للغرماء المنع لسبق التعلق ، فإن أجاز الأول قبل الفك ففيه الاحتمالات.
نعم ان كان قد بيع الرهن في دين الأول فقد يقوى بطلانه حينئذ ، وإن فضل منه شيء ، لعدم تناول الرهانة للثمن فلم يبق له موضوع ، أما لو بقي من عين الرهن بقية وقد قضى دين الأول ، أو بقي تمام الرهن لقضاء دينه من غيره ، فقد يتجه نفوذ الرهن للثاني ، ويختص به عن الغرماء ، وليس للأول المنع بعد فرض سقوط تعلقه من الرهن ، ولم يكن قد رد الرهن في حال تعلقه ، لكون المفروض عدم علمه حتى فك الرهن منه ، كما أنه لا أثر لإجازته ، فلم يبق مانع من النفوذ ، لوجود المقتضي وارتفاع المانع ، واحتمال ـ عدم صحة أصل الرهانة حال كونه رهنا عند الأول ـ يدفعه أنه لا إشكال في الصحة مع الإجازة التي هي مقدمة لإسقاط مانعية حقه ، فعلم قابلية العقد للتأثير مع ارتفاع المانع بالإجازة ، أو بالفك ، فإذا فرض عدم علم المرتهن الأول حتى فك منه ، اتجه نفوذ الثاني.
ومن ذلك كله يظهر لك ما في عبارة القواعد قال بعد ذكر الاحتمالات في المسألة السابقة : « ولو لم يعلم الأول حتى مات الراهن ، ففي تخصيص الثاني بالفاضل عن