المرتهن إما في عينه أو بدله لم يتم الوثيقة إلا بالحجر على الراهن ، وقطع سلطنته ليتحرك إلى الأداء ، وفي الأخير « فمن ثم منع الراهن من التصرف في الرهن ، سواء أزال الملك كالبيع أم المنفعة كالإجارة ، أم انتقص المرهون وقلل الرغبة فيه كالتزويج ، أم زاحم المرتهن في مقصوده ، كالرهن لغيره ، أم أوجب انتفاعا وإن لم يضر بالرهن ، كالاستخدام والسكنى إلى غير ذلك من تعليلاتهم التي مرجعها إلى ما ذكرناه.
لكن ومع ذلك كله قد وسوس بعض متأخري المتأخرين في بعض أفراد التصرف ، خصوصا ما تضمنه حسن الحلبي (١) « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل رهن جارية عند قوم أيحل له أن يطأها قال : إن الذين ارتهنوها يحيلون بينه وبينها ، قلت : أرايت إن قدر عليها خاليا قال : نعم لا أرى هذا عليه حراما » وصحيح محمد بن مسلم (٢) الذي هو مثله ، وكذا مالا ضرر فيه على المرتهن من التصرف كتقبيل الجارية والاستخدام ، وليس الثوب ومسكن الدار وركوب الدابة ونحو ذلك إذا كان بحيث لا ضرر فيه بنقص للمرهون ونحوه.
ولا يخفى عليك ما فيه ، بعد ما عرفت ، بل هو كأنه اجتهاد في مقابلة النص والخبران وإن صح سندهما إلا أنك قد سمعت دعوى هجرهما وتركهما ، من غير واحد من الأصحاب على وجه يلحقهما بالشاذ الذي قد أمرنا بالإعراض عنه ، مضافا إلى موافقتهما للعامة التي جعل الله الرشد في خلافها ، بل لعل في عدم ملائمة قوله : « إن الذين ارتهنوها » إلى آخره للسؤال عن الجواز إيماء إلى ذلك ، بل يمكن حملهما على إرادة عدم الحرمة الموجبة لحد الزنا ، وعلى غيره مما لا بأس به في نحو المقام ، فالحكم حينئذ من الواضحات.
بل قد يظهر من بعض الأفاضل التأمل في جواز ما فيه نفع للرهن من التصرف كمداواة المريض ، ولو بما لا خطر عليه فيه ، ورعي الحيوان وتأبير النخل ، وخفض الجارية ، وختن العبد ، والفصد ، والحجامة ، ونحو ذلك ، وإن صرح به الفاضل ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب الرهن الحديث ـ ٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب الرهن الحديث ـ ١.