ومرجعه إلى أن تخيل الصحة في مثل ذلك من الدواعي للدفع على وجه المزبور لا أنها شرط في عدم الضمان ، بل دفعه في الجاهلين أوضح من ذلك ، ضرورة كون القابض كالمغرور بفعل الدافع ، وأوضح من ذلك اندفاعها في فاسد المعاوضة التي لا فرق فيها بين العلم والجهل ، بعد كون الدفع على وجه الضمان ، لا عدمه كما هو واضح ، إنما الإشكال إن كان ففي الصورة الأولى في المقام ، كصورة عدم ضمان العين المستأجرة مع علم المستأجر بالفساد ، وجهل الموجر ، والعين المستعارة ، خصوصا إذا كان الفساد بغصب للعين ونحوه ، بل ربما ظهر من بعضهم في باب الإجارة ما ينافي الإجماع المزبور ، فلاحظ وتأمل والله أعلم هذا.
وقد تقدم تحقيق الحال فيما لو غصبه اى المال ثم رهنه المالك من الغاصب وقد قلنا هناك أنه صح الارتهان ولم يزل الضمان ، وكذا لو كان في يده بسوم أو ببيع فاسد أو استعارة مضمونة إلا إذا أذن له في استمرار القبض ، فإن الظاهر زوال الضمان كما أوضحنا ذلك كله وغيره فلاحظ وتأمل ، بل وذكرنا هناك أيضا عن الشيخ وغيره أنه لو أسقط عنه الضمان ، صح أيضا وإن لم يفد إذنا بالبقاء ، ضرورة أعمية ذلك من الرضا به لبقاء الإثم حينئذ.
إلا أنه أشكل بكونه إسقاطا لما لم يجب ، ضرورة كون المراد بالضمان أنه لو تلف ثبت في الذمة مثله ، أو قيمته ، فقبل التلف لم يثبت حتى يسقط.
وقد يدفع بأن الإسقاط للحق الذي تحقق فعلا وهو تهيؤ ذمته للضمان بالتلف ، فليس حينئذ إسقاط لما لم يجب ، بل هو إسقاط لما وجب وتحقق.
ودعوى ـ عدم صحة إسقاط مثل ذلك ـ يدفعها عموم (١) « تسلط الناس على حقوقهم وأموالهم » كدعوى ـ أن الإسقاط لا يتعقل بعد استمرار السبب ، وهو القبض غصبا ، وتجدده في كل آن آن ، إذ هو يجدي في خصوص أثر السبب المقارن والسابق ، فيبقى أثر السبب المتجدد غير ساقط ، ويكفي حينئذ في ثبوت الضمان ـ إذ يدفعها أيضا منع كون ذلك أسبابا متعددة ، بل هي جميعها بعد اتحاد أثرها
__________________
(١) البحار ج ٢ ص ٢٧٢ طبع الحديث.