والأصل عدمه ، فإن كلا منهما حادث ، والأصل تأخره ، والاقتران أيضا حادث والأصل عدمه ، مع انه لو حكم به هنا لاقتضى فساد البيع.
وعلى كل حال يبقى استصحاب الرهانة سالما عن المعارض ، ودعوى ـ معارضته بأصالة صحة البيع المعلوم وقوعه ، فيتساقطان ، ويبقى مع الراهن ملكية المرهون ، وتسلط الناس على أموالهم ـ يدفعها أن أصالة صحة العقد مترتبة على سبقه بالإذن ، فإذا حكم بعدمه لم يمكن الحكم بصحة العقد ، بخلاف استصحاب الوثيقة ، فإنه باعتبار معلومية حصولها صحيحة سابقا ، إنما يكون الشك في طرو المبطل لها ، فيكفي في نفيه أصالة عدمه ، وليس استصحابها مشروطا بسبق الرجوع على البيع ، حتى يقال :إنه إذا حكم بعدمه لم يمكن الحكم به ، نحو ما سمعته في صحة البيع ، بل يكفي في صحة استصحابها عدم العلم بسبق البيع للرجوع.
ومن ذلك يعلم اندفاع ما في جامع المقاصد من المناقشة في أصل تكافؤ الدعويين : « بأن الأصل وإن كان عدم صدور البيع على الوجه الذي يدعيه الراهن ، إلا أنه لا يتمسك به الان ، لحصول الناقل عنه ، وهو صدور البيع مستجمعا لجميع ما يعتبر فيه شرعا ، وليس هناك ما يخل بصحته ، إلا كون الرجوع قبله ، ويكفى فيه عدم العلم بوقوعه كذلك ، والاستناد إلى أن الأصل بقاء الإذن السابق ، لأن المانع لا يشترط العلم بانتفائه ، لتأثير المقتضى وإلا لم يمكن التمسك بشيء من العلل الشرعية ، إذ لا يقطع بنفي موانع تأثيرها بحسب الواقع ، وهو معلوم البطلان ، فإن من صلى مراعيا للافعال والشرائط ، يكفيه في صحة صلاته الاستناد إلى أصالة عدم طرو النجاسة على ثوبه وبدنه الطاهرين ، وإن لم يعلم انتفاؤها بحسب الواقع قطعا.
هذا مع اعتضاده بأن الأصل في البيع الصحة واللزوم ، وحيث تحقق الناقل عن الأصل المزبور امتنع التمسك به ، وخرج عن كونه حجة ، كأصل الطهارة بعد ثبوت المقتضى للتنجيس مثلا ، فإنه لا يتمسك به ، وحينئذ فينتفي حكم كل من الأصلين اللذين ذكروهما ، على أن ما ذكروه في الاستدلال إنما يتم على تقدير تسليم بقاء الأصلين المزبورين ، والانحصار فيهما وفي الأصل الثالث الذي ذكروه ، وليس