دابته التي يجاهد عليها بدليل إجماع الطائفة ». وفي المسالك بعد ذكر الدار والجارية اللائقين بحاله قال : « وفي حكمها دابة ركوبة ، ولو احتاج الى المتعدد استثنى كالمتحد » وكذا الروضة ، وفي الإرشاد « ولا فرس ركوبه إذا كان من أهلها » ونحوه التذكرة من دون شرط ، وكذا جامع المقاصد.
قلت : لعل المدار في ذلك وغيره مما تسمعه من ثياب التجمل ونحوها عدم الحرج في الدين ، وإرادة الله بنا اليسر دون العسر ، ونحو ذلك مما دل على هذا الأصل ، وربما كان في دين التذكرة إشارة اليه فلاحظ وتأمل. ولعل في قوله (١) ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) نوع إيماء إليه ، كالتعليل في صحيح الحلبي (٢) ضرورة حصول العسر والحرج والمشق التي لا تتحمل في بيع الضروريات ، ولو بحسب الشرف الذي يكون في عدمه نقص وإذلال لا ترضى به الأنفس العزيزة ، بل ربما كان عليها أشد مراعاة من الضروريات للمعاش ، بل قد يهون عليهم في مقابلة إزهاقها ، ومن هنا أسقط الشارع التكاليف له في باب الوضوء والغسل واستطاعة الحج وغير ذلك ، ودعوى أن ذلك لا يتم في حقوق المخلوقين كما عن بعض الشافعية واضحة المنع ، ضرورة إطلاق الأدلة ، كدعوى أنه مشترك بينه وبين صاحب المال ، إذ فيه أنه لا عسر ولا حرج في الانتظار ، ولو فرض حصوله في خصوص شخص لم يكن معتبرا ، لأن المدار على المشقة على الصنف لا الشخص ، كما حقق في محله.
كل ذلك مع أنه يمكن دعوى صدق ذي العسرة على من لم يجد غير ذلك ، وأنها لا يتحقق صدق الميسرة بها ، لأن المراد بذي العسرة الشدة والضيق عليه ، لو أراد الوفاء ، وعكسه الميسرة ، ولا ريب في تحقق الشدة والضيق عليه لو كلف ببيع ضرورياته ، ولعله لذا استدل بها الفاضل في المختلف على استثناء الدار والجارية ، وحكى عن الأردبيلي أنهم قد يستثنون بعض الأمور المحتاج إليها ، مثل الكتب العلمية لأهلها ، لكن في التذكرة « ولا يترك له الفرش والبسط ، بل يسامح باللبد والحصر
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٢٨٠.
(٢) الوسائل الباب ١١ ـ من أبواب الدين الحديث ـ ١.