( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) أخبرني عن هذه النظرة التي ذكر الله تعالى في كتابه ، لها حد يعرف إذا صار هذا المعسر إليه لا بد من أن ينظر ، وقد أخذ مال هذا الرجل ، وأنفقه على عياله ، وليس له غلة فينظر إدراكها ، وليس له دين ينظر محله ولا مال غائب ينظر قدومه؟ قال : نعم ، فينتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الامام ، فيقضي ما عليه من الدين من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة الله عز وجل ، وإن كان أنفقه في معصية الله فلا شيء على الامام له ، قلت : فما لهذا الرجل الذي ائتمنه ، وهو لا يعلم فيما أنفقه ، في طاعة الله أم في معصيته ، قال : يسعى له في ماله فيرده عليه وهو صاغر ».
وعن الصدوق الفتوى بمضمونها ، فجوز المطالبة للمعسر إذا كان قد أنفقه في معصية ، ولعل الدين إذا كان معصية في نفسه ، كالسرقة والغصب أولى من ذلك عنده ، وربما استحسن بعض متأخري المتأخرين الجمع بين خبر السكوني (١) الدال على تسليم المديون إلى غرمائه ليستعملوه ، وغيره مما دل على العدم بذلك أيضا ، إلا أن الجميع كما ترى بعد عدم ثبوت حجية الكتاب المزبور عندنا ، وضعف خبر أبي نجاد واضطراب متنه ، بدلالة أوله على الإنفاق على العيال ، وذيله على أنه لم يعلم ، بل ما فيه من عدم وفاء الامام عنه مع الجهل بحاله مخالف لأصالة صحة فعل المسلم.
كل ذلك مضافا إلى ما قيل : من أولوية الانظار بالمنفق في المعصية من المنفق بالطاعة ، باعتبار عدم حلية الزكاة للأول دون الثاني ، فلا ريب حينئذ في أن الإطلاق المزبور الذي قلنا أنه الظاهر من النص والفتوى أولى ، كما أن الظاهر منهما أيضا عدم التسامح في الزائد على المستثنيات ، ضرورة وجوب وفاء الدين الذي يمكن دعوى استقلال العقل فيه ، فضلا عما ورد فيه من الشرع.
وربما وسوس فيه بعض متأخرين المتأخرين مدعيا أن الظاهر من النصوص التوسعة في ذلك ، فإن عمر بن يزيد (٢) « قال : قد أتى رجل أبا عبد الله عليهالسلام يقتضيه
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الحجر الحديث ـ ٣.
(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الدين الحديث ـ ٤.