وكذا لا ينبغي التوقف أيضا في التقييد بالاستتار الذي هو شرط الإقرار ، ولا ينافيه ما في هذه النصوص من اطلاع المسلم عليه إذ يمكن فرضه على وجه لا ينافي الشرط المذكور ، فتوقف المحدث البحراني فيه بل قال : الأقرب عدم اشتراطه في غير محله ، كما عرفته في شرائط الذمة ، وإطلاق الشيخ حل تناول ثمن الخمر مثلا من الذمي محمول على ذلك ، كما اعترف به في الدروس.
على أنه قد يقال : ان إطلاق الأدلة أو عمومها قاض بحرمة تناول أثمان هذه المحرمات ، وعدم ملكها مطلقا ، فينبغي الاقتصار في الخروج عنها على المتيقن ، وهو الأخذ من الذمي المستتر دون المتجاهر ، ومنه يعلم الوجه في عدم إلحاق الحربي به خصوصا بعد عدم عموم في النصوص السابقة يشمله ، بل قد يدعى انسياق خلافه منها باعتبار عدم معهودية بيعه في بلاد الإسلام فتأمل جيدا.
بل قد يقال انه ينبغي الاقتصار في الذمي أيضا على ما إذا باع من مثله ، أما إذا باع الخمر من مسلم أو حربي فيحرم تناول الثمن منه ومن هنا قيده بذلك في التذكرة ولعله مراد من أطلق كالمصنف وغيره ، للأصل المتقدم ، اللهم إلا أن يقال : إن إقراره على مذهبه يقتضي جواز تناوله منه أيضا بعد أن كان مذهبه الجواز ، والحرمة على المسلم والحربي ، بل الفساد بالنسبة إليهما لا ينافي ذلك ، إذ هو حكم آخر ضرورة تحقق الفساد واقعا ، حتى في بيعه من مثله ، لإطلاق ما دل على « أن ثمن الخمر سحت » الشامل للجميع.
وجواز التناول منه لا ينافي كونه كذلك بالنسبة إليه ، كما أومأ إليه الخبر السابق بقوله عليهالسلام (١) « انه للمقتضي حلال وعليه حرام » وهو جيد جدا ، بل له مؤيدات كثيرة تظهر بأدنى تأمل ، وان كان انطباق كلمات الأصحاب عليه لا يخلو من اشكال فتأمل جيدا فإن من ذلك يعلم الحكم في الجملة فيما لو اقترض ذمي من ذمي خمرا وأسلم أحدهما ، فإن الظاهر سقوط القرض كما جزم به الفاضل والمحقق الثاني ، لكن في الدروس الأقرب لزوم القيمة بإسلام الغريم.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٦٠ ـ من أبواب ما يكتسب به الحديث ـ ٢.