الطرفين امتنع أخذ أجرتين ، وعليه يحمل كلام الأصحاب أنه لا يجمع بينهما لواحد ».
لكنه كما ترى خصوصا وقد عبر بذلك من يرى جواز تولي الطرفين. على أن الكلام في الدلال الذي هو السمسير لا مجرد متولي العقد ، والأصل في تعرض متأخري الأصحاب لذلك ما في المقنعة والنهاية ، « ومن نصب نفسه لبيع الأمتعة كان له أجرة البيع على البائع ، دون المبتاع ، ومن نصب نفسه للشراء كان أجر ذلك على المبتاع فإن كان وسيطا يبتاع للناس ويبيع لهم ، كان له أجرة على ما يبيع من جهة البائع ، وأجرة على ما يشتري من جهة المبتاع ».
وفي السرائر « ليس قصد شيخنا في ذلك أن يكون في عقد واحد بائعا مشتريا ، بل يكون تارة يبيع ، وتارة يشتري في عقدين ، لأن العقد لا يكون إلا بين اثنين ». وفي المختلف بعد أن حكى ذلك عنه قال : « ليس بجيد ، لأنا نجوز كون الشخص الواحد وكيلا للمتعاقدين ، كالأب يبيع على ولده من ولده الأخر وحينئذ يستحق أجرة البيع على ما أمره وأجرة الشراء على ما أمره ، وقوله : العقد لا يكون إلا بين اثنين ، قلنا : مسلم : وهو هنا كذلك لتعدد المسبب كالأب العاقد عن ولديه ».
قلت : لا ريب في أن مراد الشيخ ما ذكره ابن إدريس ، كقوله في الوسيلة : ومن نصب نفسه للأمرين ، فأجرته على من عمل له ، وإن لم يكن لما ذكره من العلة السابقة ، بناء على أن مراده منها ما فهمه منها في المختلف ، كما أنه لا ريب في ضعف ما في المختلف ، بناء على إرادته استحقاق الأجرتين في الفرض الذي قد أوضحنا منعه سابقا ، ويمكن إرادته الأجرة على الإيجاب ، والأجرة على القبول ولا بحث فيها.
لكن في الرياض قد حكى عنه صريحا والمحكي عن المحقق الثاني ، وظاهر النهاية القول باستحقاق الأجرتين على تمام البيع ، نظرا إلى أن الأمر بالعمل اقدام منه على التزام تمام الأجر بحصول المأمور به ، ورضائه بذلك ، ولا مدخل لاتحاد العمل ، وكأنه مال إليه فقال : ولعله غير بعيد سيما مع كون متعلق الأمرين طرفي الإيجاب والقبول ، وجهل أحدهما بأمر الآخر.
وفيه ما عرفته سابقا ، بل ليس في جامع المقاصد ما أرسله عنه ، بل ظاهره