وكيف كان ف الإيجاب : كل لفظ دل على الارتهان ، كقوله : رهنتك أو هذه وثيقة عندك ، أو ما أدى هذا المعنى كوثقتك ، وهذا رهن عندك ، بل وأرهنت ، بناء على ما في المسالك والتنقيح من أنها لغة قليلة ، وزاد في المسالك : « أنه لا يبلغ شذوذها حد المنع ، وأنها أوضح دلالة من كثير مما عدوه ».
وعن الصحاح والمصباح والقاموس : رهن وأرهن بمعنى ، فما عن المهذب البارع من أنه لا يقال : أرهن ـ اجتهاد في مقابلة النص ، ونفي لا يعارض الإثبات ، مضافا إلى ما تعرفه من التسامح في عقد الرهن في الجملة ، حتى استقرب في التذكرة ، عدم اشتراط اللفظ العربي فيه ، ووافقه في الدروس : فلا شك حينئذ في تناول العقود. للعقد بها.
بل في الدروس « لو قال : خذه على مالك ، أو بمالك ، فهو رهن ، ولو قال :أمسكه حتى أعطيك مالك فأراد الرهن جاز ، ولو أراد الوديعة أو اشتبه فليس برهن » ولعل ذلك كله ـ كما في المسالك ـ لأن الرهن ليس على حد العقود اللازمة ، لأنه وإن كان لازما من طرف الراهن ، لكنه جائز من طرف المرتهن ، فترجيح جانب اللزوم ، ولزوم ما يعتبر في اللازم ترجيح من غير مرجح ، خصوصا مع البحث في اعتبار ما ذكروه في اللازم ، فيبقى حينئذ على مقتضى عموم الوفاء بالعقود ، الشامل لكل ما قصد به عقد الرهن من الألفاظ من غير اعتبار لفظ مخصوص ، ولا صيغة خاصة.
لكن فيه أن ترجيح جانب الجواز أيضا ترجيح من غير مرجح ، والأصول تقتضي عدم لحقوق أحكام الرهن ، والمراد من العقود المأمور به بالوفاء بها المتعارفة نوعا وصنفا ، فالمعلوم منها ولو بمعونة كلام الأصحاب يجب الوفاء به ، وما لم يعلم فضلا عن المعلوم عدمه لا يجب الوفاء به ، اللهم إلا أن يمنع ذلك ، ويقال : إنه إن سلم إرادة المتعارف منها ، فالمراد المتعارف نوعها : أي البيع والإجارة والصلح ونحوها ، وأما بالنسبة إلى ما ينعقد به كل واحد منها فاللفظ شامل لكل ما قصد به العقد من الألفاظ إلا ما علم خروجه ، أو حصل الشك في تناول العام له من شهرة عظيمة ونحوها ، كما ادعوه فيما عدا الصيغ الخاصة للعقود اللازمة.