الوفاء وصفه تبارك وتعالى ذاته القدسية بالوفاء فقال سبحانه : ( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ، يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ، وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ .. ) (١).
كما نو ، القرآن الكريم بسمو فضيلة الوفاء حين جعلها صفة الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين. فقال تعالى في سورة النجم : ( وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) [ الآية ٣٧ ].
وللوفاء شأن يذكر وخبر يؤثر عند أئمة هذه الأمة وأعلامها المؤمنين الصادقين أمثال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي نام في فراش الرسول (ص) مسلما نفسه للموت في أي لحظة يهاجم بها أعداء الرسول منزله غير آبه بما سيحدث ولو كان الموت ، الموت في سبيل إنقاذ رسول الله. إنه الفداء الصادق والوفاء المخلص.
قال أمير المؤمنين (ع) : « إن الوفاء توأم الصدق ، ولا أعلم جنّة أوفى منه ، ولا يغدر من علم كيف المرجع ، ولقد أصبحنا في زمان قد اتخذ أكثر أهله الغدر كيسا ، ونسبهم أهل الجهل إلى حسن الحيلة. ما لهم قاتلهم الله؟ قد يرى الحوّل القلّب وجه الحيلة ودونه مانع من أمر الله ونهيه فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين » (٢).
ولهذا أكد الإمام زين العابدين (ع) على لزوم التجلي بالصدق والوفاء لأنهما من أسمى الصفات التي يشرف بها الإنسان المسلم.
__________________
(١) التوبة ، الآية ١١١.
(٢) نهج البلاغة ، ج ١ ، ص ٨٨. والجنّة : الوقاية. اتخذوا الغدر كيسا : أي عدوه من باب التعقل وحسن الحيلة. الحوّل القلّب : البصر بتحويل الأمور وتقليبها ، أي أنه يصرف الحيلة ولكنه لا يفعلها خشية الله تعالى. والحريجة : التحرج أي تجنب الآثام خشية الله سبحانه وتعالى.