د ـ تحديد العلاقة مع أهل البيت (ع) :
اختلف الناس في حبهم وفي بغضهم لأهل البيت (ع) فبعضهم أبغضهم حتى عدهم من الخوارج ، والبعض الآخر أحبهم حتى ألههم ، وقد تعرض أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع) لمثل هذه الحالات ، فكان يخطب بين الجموع التي تجتمع تحت منبره وتسمع ما يقول : أشهد أنك أنت الله ، وفي الطرف الآخر من يقول : لله درّك كاذبا » (١).
ويروى أنه مر بجماعة كانوا يأكلون في شهر رمضان ، فسألهم أعن سفر أم مرض؟ وحذرهم من النار. فأجابوه : أندخل النار وأنت وأنت ، فنزل عن دابته وسجد وقال : أنا عبد من عبيد الله ... وقد شاهد الإمام زين العابدين (ع) فئة من شيعته قد أوغلوا في حبهم حتى أخرجهم عن الصراط السوي وعن خط الإسلام السليم. فتحول الحب لأهل البيت (ع) إلى غلو ثم تأليه وبالتالي إضفاء صفات عليهم ما أنزل الله بها من سلطان.
فما كان من الإمام إلا أن يقاومهم بحزم ويجابههم بكل ما يملك من أساليب ، فأفهمهم وأرشدهم بأن عملهم هذا هو انحراف عن الإسلام وبعيد كل البعد عن خط أهل البيت (ع) ، خط الرسول الأعظم (ص) حب فيه عيب عليهم ومنقصة لهم.
روى ابن شهاب الزهري قال : حدثنا علي بن الحسين (ع) وكان أفضل هاشمي أدركناه ، قال : « أحبونا حب الإسلام ، فما زال حبكم لنا حتى صار شينا علينا » (٢). أي أحبونا حبا يكون موافقا لقانون الإسلام ولا يخرجكم عنه ، ولا زال حبكم لنا حتى أفرطتم وقلتم فينا ما لا نرضى به ، فصرتم شينا وعيبا علينا ، حيث يعيبوننا الناس بما تنسبون إلينا.
__________________
(١) دراسات في نهج البلاغة للشيخ محمد مهدي شمس الدين.
(٢) بحار الأنوار ، ج ٤٦ ، ص ٧٣ ، عن إرشاد المفيد ، ص ٢٧١.