وفاته حين غسلوه وكفنوه عليهالسلام. فكان الإمام بهذا العمل يعيش الهاجس الروحي مع الأمة ويستشعر المسؤولية الكبرى تجاهها إذعانا منه لحديث جده رسول الله (ص) : « من أصبح ولم يهتم بشؤون المسلمين فليس بمسلم » ... وعن عمر بن ثابت قال : لما مات علي بن الحسين فغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سود في ظهره فقالوا : ما هذا؟ فقالوا : كان يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة » (١).
وعن شبيبة بن نعامة قال : كان علي بن الحسين (ع) يقوّت مائة أهل بيت بالمدينة ، وكانوا يعيشون ولا يدرون من أين كان معاشهم فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون بالليل ...
ب ـ مواجهة المشبهة والملحدين :
وكما تصدى الإمام عليهالسلام للانحراف الأخلاقي لدى الأمة الإسلامية تصدى أيضا للانحراف العقائدي والفكري الذي طرأ على فكر بعض قطاعات الأمة من فئات خبيثة منحرفة عن الخط الإسلامي السليم.
كان (ع) يقاوم هذا الانحراف بكل ما يملك من جهود حتى وصل به الحد إلى الارتياع من هذه الانحرافات في الفكر والعقيدة. فنراه (ع) في مسجد رسول الله (ص) ذات يوم إذ سمع قوما يشبهون الله بخلقه ففزع لذلك وارتاع ، ونهض حتى أتى قبر رسول الله (ص) فوقف عنده ورفع صوته يناجي ربه ومما قاله في مناجاته : « إلهي بدت قدرتك ولم تبد هيئة جلالك فجهلوك وقدّروك بالتقدير على غير ما أنت به شبّهوك ، وأنا بريء يا إلهي من الذين بالتشبيه طلبوك ، ليس كمثلك إلهي ولم يدركوك فظاهر ما بهم من نعمة دليلهم عليك لو عرفوك وفي خلقك يا إلهي مندوحة عن أن يناولوك بل سوّوك بخلقك فمن
__________________
(١) الإرشاد للمفيد ، ج ٢ ، ص ١٥٣.