أخبرني بجميع شرائع الدين.
قال : قول الحق ، والحكم بالعدل ، والوفاء بالعهد (١).
فتأمل معي هداك الله إلى هذا الإيجاز وهذه البلاغة وهذا التكثيف في المعنى والبعد في الدلالة ، والإحاطة الشاملة بتسديد الجواب ، والتسلسل المنطقي.
فالذي يقول الحق ويعرف حدوده لا بد وأن يحكم بالعدل ويعلم أصوله وقواعده لا بد وأن يفي بالعهد.
والذي يفي بالعهد ويحكم بالعدل ويقول الحق لا بد وأن يكون من المؤمنين الصالحين الذين كسبوا رضا الله بأعمالهم الصالحة. وسمعوا قوله تعالى : ( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) [ التوبة : ١٠٥ ].
من روائع حكمه :
الحكمة هي ثمرة تجارب طويلة وحصيلة نظر ثاقب في أمور الحياة ، وبصيرة نافذة في قضايا الناس وأخلاقهم.
والحكمة تأمل هادىء في سعي الإنسان وفي الغاية التي ينشدها والنهاية التي يترقبها ، كما هي إحساس دقيق في جميع فروع الحياة البشرية.
والحكمة هي إحساس بكل ما تتفتق به الحياة من ولادة أفكار تزهر وتعقد وتثمر على هذه الأرض التي منها وإليها الإنسان ، وهي تأخذ زخما في النمو والعطاء من إبداع الإنسان وحسن فهمه لأسرار الوجود.
تأخذ الحكمة غذاءها من الماضى وتتلون بألوان الحاضر وتكون
__________________
(١) الخصال ، ص ١١٣.