وثديها لك سقاء ، ونفسها لك وقاء ، تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك ، فتشكرها على قدر ذلك ، ولا تقدر عليه إلا بعون الله وتوفيقه .. ».
الأم : هذه الكلمة العذبة ، الطيبة التي تفيض عطفا وحنانا ، وحبا وإخلاصا ، وتضحية وإيثارا. إنها تمثل العطاء بمدلوله الإسلامي الإنساني فيها تتجسد كل معاني الخير ، ومن نفسها تقدم أعلى ما عندها راغبة في العطاء ، تقدم سعادتها وراحتها وقلبها ونفسها وكل ما تطاله يدها دون منّ ولا جزاء.
حملت وليدها وهنا على وهن وأطعمته من ثمرة قلبها وروته من صدرها ، فكانت تضعف ليقوى وتبذل ليشتد. لقد أشغلت سمعها وبصرها ويدها ورجلها وبشرها وجميع جوارحها ، كل ذلك قدمته راغبة لئلا يتأذى أو يتضرر وليدها.
وبعد الحمل والخروج إلى عالم النور لم تكتف الأم الحنون عن تقديم عطاياها بل سلكت مسلك الإيثار بأجمل صوره وأجلها ، فبذلت جميع طاقاتها للحفاظ عليه والسهر على راحته إلى أن يكبر ويأخذ طريقه في الحياة والإمام زين العابدين في رسالته الكريمة شرح واقع الحال عندها ودفع الولد إلى شكرها على ما قدمته من جميل وهذه كانت وصية الله في كتابه الكريم. قال تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) (١).
ما أعجز الإنسان عن أداء حقوق أمه ، وإذا قدم لها جميع الخدمات والمبرات لما أدى أبسط شيء من حقوقها « فيا رضا الله ورضا الوالدين ».
٢٢ ـ حق الأب :
« وأما حق أبيك فتعلم أنه أصلك ، وأنك فرعه ، وأنك لولاه لم تكن
__________________
(١) لقمان ، الآية ١٤.