لقد شدد الإسلام على منع الترافع إلى الظلمة الذين انحرفوا عن العدل والحق وسلكوا طرقا فاسدة يتبرأ منها الدين. وعن الإمام الصادق (ع) قال : إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه حكما بينكم فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه ».
والإمام زين العابدين (ع) يعطينا درسا مفيدا في كيفية الترافع وكيف نقدم حجتنا. فإذا كان المدعي على حق في دعواه ، فأوصاه أن يتجنب الكلمات النابية مع خصمه ، بل يقابله بالبيان الواضح والحجة الظاهرة والكلمة الطيبة ، كما عليه تجنب القيل والقال لأنهما لا يجديان شيئا ، ولا يرجعان حقا بل ربما يذهب ذلك بالحق ويضيع ويخرج عن الهدف الرئيسي الذي من أجله كانت الدعوة.
٣٩ ـ حق المستشير :
« وأما حق المستشير فإن حضرك له وجه رأي جهدت له في النصيحة وأشرت عليه بما تعلم أنك لو كنت مكانه عملت به وذلك ليكن منك في رحمة ولين فإن اللين يؤنس الوحشة وإن الغلظ يوحش موضع الأنس. وإن لم يحضرك له رأي ، وعرفت له من يثق برأيه ، وترضى به لنفسك دللته عليه ، وأرشدته إليه فكنت لم تأله (١) خيرا ولم تدخره نصحا ولا حول ولا قوة إلا بالله .. ».
ورد عن النبي (ص) وعن الأئمة المعصومين الحث على الاستشارة وعدم الاستقلالية في الرأي. فعلى المستشير أن يقف على عقول الآخرين ليدرك وجوه الحسن والقبح فيها.
ورد عن النبي (ص) : « ما ندم من استشار ولا خاب من استخار ».
__________________
(١) لم تأله : أي لم تقصر.