فإذا كان آخر ليلة منه أعتق الله فيها مثلما أعتق في جميعه ، وإني لأحب أن يراني الله وقد أعتقت رقابا في ملكي في دار الدنيا رجاء أن يعتق رقبتي من النار.
مهابته وكراماته
كان الإمام علي زين العابدين مهابا معظما عند الناس جميعا ، له مكانة خاصة في قلوبهم ومركز محترم ومرموق عند الخلفاء والولاة من أي فريق كان. يدخل عليهم فيجلونه ويحترمونه حتى الذين يحقدون عليه.
دخل مرة على عبد الملك بن مروان وكان حاقدا عليه يدبر له المكايد في الخفاء ، فلما نظر إليه مقبلا وعليه مهابة أبيه وجديه ، قام إليه وأجلسه إلى جنبه وأكرمه فسأله الناس كيف تم له ذلك وهم يعلمون ما يكن في قلبه من حقد على الإمام (ع) فقال : لما رأيته امتلأ قلبي رعبا.
ومرة أخرى دخل على مسلم بن عقبة والي المدينة فلما نظر إليه يتجلى مهابة وعظمة قال : لقد ملىء قلبي منه خيفة.
هذا التقدير للإمام السجاد يعود إلى ما تتحلى به شخصيته من صفات خاصة مميزة ، فعلم غزير في جميع العلوم والمعارف الإنسانية وأخلاق كريمة ونبل وعفة وشهامة ، وكرم وسخاء إلى كل معوز ومحتاج من عدو وصديق ، وشجاعة نادرة في أحرج المواقف وأصعبها ، وفقه وورع وتقى في سبيل الله ، وصبر وكظم الغيظ من أجل رضى الله. ولا ريب أنه من كان مع الله فإن الله معه. جاء في رواية السبكي في طبقات الشافعية أن هشام بن عبد الملك حج في بعض السنين فجهد أن يصل إلى الحجر الأسود عند الطواف فلم يقدر عليه من كثرة الزحام فنصب له من كان معه منبرا في ناحية من نواحي الحرم وجلس عليه ينظر إلى الناس حتى يخف الزحام عن الحجر ليلمسه ، ووقف حوله أهل الشام. في هذه الأثناء أقبل الإمام علي زين العابدين (ع) وكان من أحسن الناس وجها وأطيبهم أرجا على حد