ومع كل ما قدم وضحى وأعطى وأحسن يرى نفسه مقصرا في حقوق الناس ، كان صدره واسعا جدا يستوعب كل هفواتهم ويتسع لكل انحرافاتهم ويسامح ما كان يتجمع في صدورهم من غش وطمع وحقد. يعاملهم بما عنده هو وليس بما عندهم إن البحر الكبير لا تعكر صفوه بضعة أنهار صغيرة تصب فيه ، والجسر المتين يتحمل الكثير من الأثقال مهما كانت كبيرة ويبقى صامدا جامدا على مدى الدهور. وبائع العطر يتلذذ بما يحمل ويؤنس الآخرين بروائح وروده الجميلة.
والنور الساطع يري صاحبه معالم الطريق ويكشف المزالق والعثرات أمام المشاة التائهين.
والشجرة القوية العتيقة جذورها ثابتة في الأرض لا تؤثر فيها الرياح مهما كانت عنيفة ، يراشقها المارة بالحجارة فتنزل لهم ثمارها بكل رحابة صدر.
والغيمة المثقلة بالغيث سوف تسقط بخيراتها العميمة على جميع بقاع الأرض لا تفرق بين بقعة وأخرى.
ما قاله العظماء في سيد الحكماء :
أجمع أهل العلم والأدب على اختلاف ميولهم ونزعاتهم على أفضلية أهل البيت عليهمالسلام ، فقد كانوا ينبوعا فياضا بالعلم والحكمة ، ومنهلا عذبا للخير والعطاء ، ورصيدا هاما في الأدب والمعرفة. ولم تجتمع الأمة بأسرها على أفضلية أحد كاجتماعها على أفضلية أئمة الهدى عليهمالسلام. ومما يلاحظ أن ما كتبه عنهم كبار العلماء من غير الشيعة أكثر مما كتبه عنهم شيعتهم ومواليهم وهذا دليل واضح أنهم مركز الثقل الذي تركه الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم بين ظهراني الأمة ، حيث جعلهم حكاما على العباد وخلفاء له صلىاللهعليهوآلهوسلم على الناس.