المآسي القاسية. فكان كلما تقدم سن الإمام ازداد ضعفا وذبولا.
اغتياله بالسم :
احتل الإمام زين العابدين قلوب الناس وعواطفهم فتحدث الناس بإعجاب عن علمه وفقهه وسائر ملكاته ، وكان السعيد من تشرف بمقابلته والاستماع إلى حديثه لذلك نراه قد تمتع بشعبية هائلة في عصره.
وقد شق ذلك على الأمويين وأقضى مضاجعهم وكان من أكبر الحاقدين عليه الوليد بن عبد الملك.
روى الزهري أنه قال : « لا راحة لي ، وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا » (١).
وقد صمم هذا الخبيث المجرم على اغتيال الإمام (ع) بأي طريقة ، ولما آل إليه الملك والسلطان بعث سما قاتلا إلى عامله على يثرب ، وأمره أن يدسه للإمام ونفذ عامله ذلك (٢) ، وقد تفاعل السم في بدن الإمام ، فأخذ يعاني أشد الآلام وأقساها ، وبقي على فراش الموت عدة أيام يشكو بلواه إلى الله تعالى ، ويدعو لنفسه بالمغفرة والرضوان ، وقد تزاحم الناس لتفقده وعيادته ، وهو عليهالسلام يحمد الله ويثني عليه أفضل الثناء على ما رزقه من الشهادة على يد شر البرية الظالمين الطغاة الذين كان همهم الدنيا الفانية ومباهجها البراقة الزائفة.
وصيته لولده الإمام الباقر :
عهد الإمام زين العابدين إلى ولده محمد الباقر عليهماالسلام بالإمامة ، كما عهد إليه أيضا بهذه الوصية القيمة فقال له : « يا بني أوصيك
__________________
(١) حياة الإمام الباقر ، ج ١ ، ص ٥١.
(٢) الصواعق المحرقة ، ص ٥٣.