يا زهري من لم يكن عقله من أكمل ما فيه كان هلاكه من أيسر ما فيه. يا زهري عليك أن تجعل المسلمين منك بمنزلة أهل بيتك ، فكبيرهم بمنزلة والدك وتربك منهم بمنزلة أخيك فأي هؤلاء تحب أن تظلم ، وأي هؤلاء تحب أن تدعو عليه ، وأي هؤلاء تحب أن تهتك ستره. وإن عرض لك إبليس لعنه الله بأن لك فضلا على أحد من أهل القبلة فانظر إن كان أكبر منك ، فقل قد سبقني بالإيمان والعمل الصالح ، فهو خير مني ، وإن كان أصغر منك فقل قد سبقته بالمعاصي والذنوب فهو خير مني ، وإن كان تربك فقل أنا على يقين من ذنبي وفي شك من أمره ، فما لي أدع يقيني لشكي. وإن رأيت المسلمين يعظمونك ويوقرونك ويبجلونك فقل هذا فضل أخذوا به ، وإن رأيت منهم جفاء وانقباضا فقل هذا لذنب أحدثته فإنك إذا فعلت ذلك سهل الله عليك عيشك وكثر أصدقاؤك وقل أعداؤك وفرحت بما يكون من برهم ولم تأسف على ما يكون من جفائهم.
ثم تابع قائلا (ع) :
واعلم أن أكرم الناس على الناس من كان خيره عليهم فايضا وكان عنهم مستغنيا متعففا ، وأكرم الناس عليهم من كان مستعففا عنهم وإن كان إليهم محتاجا فإنما أهل الدنيا يتعقبون الأموال فمن لم يزدحمهم فيما يتعقبونه كرم عليهم ومن لم يزاحمهم ومكنهم من بعضها كان أعز وأكرم » (١).
وهذه بعض أجوبته عليهالسلام عن فقه الشريعة وتفسير بعض آي الذكر الحكيم. منها :
٨ ـ قال الزهري : دخلت على علي بن الحسين فقال لي : يا زهري من أين جئت؟
قلت : من المسجد.
__________________
(١) زين العابدين للمقرم ، ص ١٦٠.