وهذا الإمام زين العابدين ما من سنة إلا وكان يعتق فيها في آخر ليلة من شهر رمضان الكثير من العبيد. وهذه الوصية منه (ع) تمثل موقفا رائعا من مواقفه.
لقد نظر الإمام (ع) إلى المملوك نظرة رحيمة مستمدة من جوهر الإسلام وواقعه ، فالمملوك كالحر هو من صنع الله ، خلق له السمع والبصر ، وأجرى له الرزق كما صنع ذلك للحر ، فليس للمالك أن يتكبر عليه ، أو يحمله فوق طاقته. وليعلم المالك أن الله سبحانه سخره له وائتمنه عليه واستودعه إياه فحق له أن يحفظ الأمانة والوديعة فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا يعذب خلق الله. وهذه لفتة كريمة من الإمام كي يعود المالك إلى ضميره وعقله.
حقوق الرحم
وفي استعراضه للحقوق وجه الإمام (ع) نظرة صائبة نحو الأرحام وأدلى بحقوقهم.
٢١ ـ حق الأم :
« فحق أمك أن تعلم أنها حملتك ، حيث لا يحمل أحد أحدا ، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحدا ، وأنها وقتك بسمعها وبصرها ، ويدها ورجلها وشعرها وبشرها ، وجميع جوارحها ، مستبشرة بذلك ، فرحة موبلة (١) محتملة لما فيه مكروهها ، وألمها ، وثقلها وغمها حتى دفعتها عنك يد القدرة ، وأخرجتك إلى الأرض ، فرضيت أن تشبع وتجوع هي ، وتكسوك وتعرى ، وترويك وتظمأ ، وتظلك وتضحي وتنعمك ببؤسها ، وتلذذك بالنوم بأرقها ، وكان بطنها لك وعاء وحجرها لك حواء (٢)
__________________
(١) موبلة : مواظبة ومستمرة.
(٢) الحواء : ما يحتوي الشيء ويحيط به.