السلام المغصوبة ، ظنا منه بأن يستدرج الإمام (ع) ويستميله إلى جانبه. ولكن هيهات أن ينفع هذا الأسلوب مع أهل بيت النبوة ومعدن الحكمة والمبدأ الثابت الرصين.
روي عن عبد الملك بن عبد العزيز قال : « لما ولي عبد الملك بن مروان الخلافة رد إلى علي بن الحسين (ع) صدقات رسول الله (ص) وصدقات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع). وكانت مضمومتين (١).
والآن ماذا على عبد الملك أن يفعل ، فلا الترهيب أثر به على الإمام المعصوم (ع) ولا الترغيب ، فتركه وشأنه عندما وصل إلى مرحلة العجز.
ج ـ العجز :
عرفنا إن الأساليب التي اتبعها عبد الملك مع الإمام ترهيبا وترغيبا لم تجده نفعا ، ولم تغير موقفه ، ذلك أن روحية أئمة الهدى ومواقفهم ثابتة ومعروفة تجاه الحق. فلم يبق لعبد الملك بن مروان إلا أن يترك الإمام وشأنه ولا يتعرض له. بل أوصى ولاته بترك أهل البيت (ع) وشأنهم وعدم التعرض لهم .. قال أبو عبد الله (ع) : لما ولي عبد الملك بن مروان واستقامت له الأمور كتب إلى الحجاج بن يوسف : « أما بعد فجنبني دماء بني عبد المطلب فإني رأيت آل أبي سفيان لما ولغوا فيها لم يلبثوا بعدها إلا قليلا والسلام ». وكتب الكتاب سرا دون أن يعلم به أحد وأرسل به مع البريد إلى الحجاج واليه على الكوفة.
وأخبر أن عبد الملك قد زيد في ملكه برهة من دهره لكفه عن بني هاشم وأمر أن يكتب ذلك إلى عبد الملك ويخبره بأن رسول الله (ص) أتاه في منامه وأخبره بذلك ، فكتب علي بن الحسين (ع) إلى عبد الملك بن
__________________
(١) المصدر نفسه ، ص ١١٩.