ونظرا لأهمية الصدقة في السر فقد كان الإمام (ع) يعول مائة بيت في يثرب ، وهم لا يعلمون من هو الذي يعيلهم.
١٣ ـ حق الهدي :
« وأما حق الهدي فأن تخلص بها الإرادة إلى ربك والتعرض لرحمته وقبوله ولا تريد عيون الناظرين دونه ، فإذا كنت كذلك لم تكن متكلفا ولا متصنعا وكنت إنما تقصد إلى الله واعلم أن الله يراد باليسير ولا يراد بالعسير كما أراد بخلقه التيسير ، ولم يرد بهم التعسير ، وكذلك التذلل أولى بك من التدهقن (١) لأن الكلفة والمؤونة في المتدهقنين ، فأما التذلل والتمسكن فلا كلفة فيهما ، ولا مؤونة عليهما ، لأنهما الخلقة ، وهما موجودان في الطبيعة ولا قوة إلا بالله ... ».
الهدي من فريضة الحج تمتاز بطابعها السياسي العبادي وهو ما يذبحه حجاج بيت الله الحرام من الأنعام في مكة أو في منى وقد أكد الإمام (ع) على أن يكون خالصا لوجه الله تعالى غير مشفوع بأي سبب آخر ومظاهر فاسدة كالرياء وطلب السمعة. لأن الله تعالى يتقرب إليه باليسير من الأعمال لا بالعسير وبالتذلل لا بالتكبر.
والحاج يهرق دما ضحية تعبيرا عن تتويج تلك الأعمال العبادية المأمور بها بثورة دامية ينفذها المسلم إذا احتاج هذا الدين دماء طاهرة من أجل الجهاد في سبيل الله.
والهدي يرمز إلى العطاء الكريم والفداء العظيم والمسلم على استعداد دائم لهذا العطاء والفداء .. يقدمه خاليا من كل الشوائب التي تفسد قبوله.
__________________
(١) التدهقن : التكبر والتجبر.