ثمّ لم يعرفوك. واتخذوا بعض آياتك ربا فبذلك وصفوك فتعاليت يا إلهي عمّا به المشبهون نعتوك » (١).
لقد حارب الإمام زين العابدين المشبهة والملحدين بالدعاء ، هذا الأسلوب الذي هو الصفة المميزة له في تلك الظروف هو أسلوب غير مباشر (٢) ، وهو المفضل والمؤثر أكثر في التبليغ وقد استعمله النبي إبراهيم الخليل عليهالسلام في تذكير قومه بانحرافهم عن عبادة الله الواحد الأحد الفرد الصمد ، فعبدوا الشمس والقمر والنجوم التي سرعان ما تزول وتأفل : ( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ : هذا رَبِّي ، فَلَمَّا أَفَلَ قالَ : لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ. فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) [ الأنعام : ٧٦ ـ ٨٠ ].
ج ـ التربية والتثقيف :
اتخذ الإمام السجاد جانب الموعظة والإرشاد ركنا أساسيا في مسيرته الحياتية في تبليغ الأمة الإسلامية ، فنراه تارة يلقي الخطب والمواعظ بصورة عامة ، وتارة أخرى نجده يخصص جلسات خاصة ومواعيد ثابتة لأصحابه يوجههم ويؤهلهم ويربيهم لتحمل الأمانة ، والتكليف الشرعي ، والتزام المسؤولية الاجتماعية ، فكان له موعد مع أصحابه في كل يوم جمعة يوعظهم ويذكرهم ويبلغهم ما هم عليه قادمون ، وما هم عنه مسؤولون. وقد استخدم الإمام (ع) أسلوب الدعاء استخداما ناجحا في تربية الأمة وتوجيهها الوجهات الصحيحة في الأخلاق والاجتماع والسياسة والدين ، وسوف نعرض في فصل لاحق أثر الدعاء في تربية الأمة وتثقيفها.
__________________
(١) الإرشاد للمفيد ، ج ٢ ، ص ١٥٣.
(٢) أسلوب نعبر عنه « إيّاك أعني واسمعي يا جارة ».