فكما نرى هذا الشاعر البائس ، نهشه الفقر والحرمان ، وأماته الجوع يطلب أن يسعفه هذا الرجل الكريم بالطعام ليحيي نفسه من براثن الفقر المدقع. وكانت عامة الناس تعيش حياة بائسة لا تعرف السعة والرخاء ، لأن الاقتصاد قد تحول كله إلى جيوب الأمويين وعملائهم.
ترف الملوك الأمويين :
انغمس ملوك الأمويين بالنعم والترف ، فكان فتيانهم يرفلون بالقوهي (١) والعرشي كأنهم الدنانير الهرقلية (٢) ، وكان عمر بن عبد العزيز يلبس الثوب بأربعماية دينار ويقول : ما أخشنه (٣).
وروى هارون بن صالح عن أبيه قال : كنا نعطي الغسال الدراهم الكثيرة حتى يغسل ثيابنا في إثر ثياب عمر بن عبد العزيز من كثرة الطيب ـ يعني المسك ـ الذي فيها (٤).
وكان مروان بن أبان بن عثمان يلبس سبعة قمصان كأنها درج بعضها أقصر من بعض ، وفوقها رداء عدني بألفي درهم (٥). وقد ذكر المؤرخون الكثير من الأخبار التي تدل على ترفهم الكبير وتلاعبهم باقتصاد الأمة وثرواتها وبعدهم عن تعاليم الإسلام السمحة العادلة.
هباتهم السخية للشعراء :
أسرف الملوك الأمويون الكثير من هباتهم للشعراء ، فأجزلوا لهم
__________________
(١) القوهي : الثوب من الخز الفاخر.
(٢) الأغاني ، ج ١ ، ص ٣١٠.
(٣) طبقات ابن سعد ، ج ٥ ، ص ٢٤٦.
(٤) الأغاني ، ج ٩ ، ص ٢٦٢.
(٥) الأغاني ، ج ١٧ ، ص ٨٩.