فما وجدوه. فكنت فيمن سألهم عنه ، فقال لي بعضهم : إنا نراه متبوعا ، إنه لنازل ، ونحن حوله لا ننام نرصده إذ أصبحنا فما وجدنا بين محمله إلا حديدة. فقدمت بعد ذلك على عبد الملك فسألني عن علي بن الحسين فأخبرته فقال : إنه قد جاءني في يوم فقد الأعوان فدخل علي فقلت : أقم عندي ، فقال : لا أحب ، ثم خرج فوالله لقد امتلأ ثوبي منه خيفة. قال الزهري :
فقلت : ليس علي بن الحسين (ع) حيث تظن أنه مشغول بنفسه ، فقال : حبذا شغل مثله فنعم ما شغل به » (١). وتابع عبد الملك مع الإمام (ع) الإرهاب النفسي فأرسل الرسائل والكتب وبعث له الوفود يتوعده ويتهدده بقطع رزقه. من افتراءات عبد الملك على الإمام : « بلغ عبد الملك أن سيف رسول الله (ص) عنده فبعث يستوهبه منه ويسأله الحاجة فأبى عليه ، فكتب عبد الملك يهدده وأنه يقطع رزقه من بيت المال ، فأجابه (ع) : أما بعد فإن الله ضمن للمتقين المخرج من حيث يكرهون ، والرزق من حيث لا يحتسبون. وقال جل ذكره : ( إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ) فانظر أينا أولى بهذه الآية (٢).
لم تؤثر أساليب عبد الملك مع الإمام (ع) ، بل زادته صلابة وحزما والتجاءا إلى الله تعالى. فكان موقفه الرافض بل وصف عبد الملك استيحاء من الآية بأنه خوان كفور!! ...
ب ـ الترغيب :
ولما لم ينفع الترهيب ، اتبع عبد الملك مع الإمام (ع) أسلوبا آخر وهو الترغيب بالمال والعطايا السخية وإرجاع حقوق أهل البيت عليهم
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٤٦ ، ص ١٢٣.
(٢) المصدر نفسه ، ص ٩٥.